محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية : المحاضرة 05
المنظمة الخاصة 1947-1950
• فكرة العمل المسلح في الحركة الوطنية الجزائرية:
• تعود فكرة العمل المسلح في الحركة الوطنية الجزائرية إلى الحرب العالمية الثانية حيث فكر أعضاء من حزب الشعب تكوين فرق والتعاون مع الألمان لطرد فرنسا من المجازر.فقد تأسست «لجنة العمل الثوري لشمال إفريقيا » CARNA لهذا الغرض وسعت لتنسيق العمليات في كامل الشمال الافريقي بالتعاون مع ألمانيا النازية. ..لم تسنح بذلك الأمور لقوة الدعاية الفرنسية المضادة، وقد راح القائد الكشفي محمد بوراس ضحية ذلك حيث أعدم سنة 1941.
• بعد المجازر الرهيبة التي راح ضحيتها آلاف الجزائريين في ماي 1945 برزت مجموعة شبانيّة في التيار الاستقلالي تؤمن بالعمل المسلح بديلا من أجل تحقيق المطالب الجزائرية المشروعة، وقد سعت من أجل ذلك.
• انعقد المؤتمر الأول لحركة انتصار الحريات الديموقراطية يومي 14 و 15 فيفري 1947 بالعاصمة وتمت في المؤتمر الموافقة على إبقاء نشاط حزب الشعب الجزائري سرا والعمل تحت غطاء حركة الانتصار كما تمت الموافقة في المؤتمر على إنشاء تنظيم شبه عسكري أطلق عليه اسم المنظمة الخاصة وكانت المساعي لعدم تكرار خطأ سنة 1945 حيث لم يكن للحزب جهاز عسكري في الوقت الذي كان يريد فيه المرور إلى العمل المسلح عبر التراب الوطني.
• تم تعيين المناضل محمد بلوزداد مسؤولا عن هذا التنظيم كما تم تقسيم المناطق، وتعيين مسؤوليها، وطرق العمل، والاهداف المرجوة من ذلك وباشر بلوزداد عمله في تأسيس المنظمة حسب مجموعة شروط:
• الفصل التام بين المنظمة الخاصة و التنظيمات الأخرى التابعة للحزب.
• اختيار أحسن المناضلين في الحزب لتجنيدهم في المنظمة ولا يكون ذلك إلا بعد المرور بامتحانات صعبة.
• القسم على المصحف الشريف ، والتعهد على خدمة المنظمة و القضية التي يقدم المناضل حياته من أجلها.
• 3- أهداف المنظمة الخاصة:
• الإعداد للثورة التي سيتم إعلانها من خلال التنظيم السياسي لحزب الشعب الجزائري .
• جمع وتخزين وتوزيع الأسلحة على المنخرطين في المنظمة الخاصة.
• التكوين العسكري والتدريب للمنخرطين على مختلف الأسلحة والمتفجرات.
• الاهتمام بالاستعلامات عن العدو الفرنسي، و الاطلاع على تنظيماته و تحركات وأهم أجهزته العسكرية و البوليسية و الإدارية.
• غرس الرّوح الوطنية والجهادية بين أوساط المناضلين استعدادا ليوم الحسم.
• هياكل المنظمة الخاصة:
• شكلت المنظمة الخاصة من هيكل هرمي فيه يتشكل مما يلي هيئة أركان تتكون من:
• رئيس المنظمة: محمد بلوزداد : كان دوره القيام بعملية التنسيق بين مختلف الهيئات إلى جانب ضبط الاتصال مع المكتب السياسي لحزب الشعب الجزائري .
• رئيس هيئة الأركان (المسؤول السياسي): حسين آيت أحمد
• المدرب العسكري: بلحاج الجيلالي عبد القادر
• مسؤول عمالة قسنطينة: و تضم ناحيتين شمال قسنطينة و الجنوب الشرقي أي الأوراس و بسكرة :محمد بوضياف.
• مسؤول عمالة الجزائر وضواحيها ( الجزائر الأولى): جيلالي رقيمي
• مسؤول منطقة الشلف والظهرة(الجزائر الثانية): محمد مروك.
• مسؤول عمالة وهران: أحمد بن بلة
• مسؤول منطقة القبائل: عمار ولد حمودة.
• مسؤول شبكات الاستعلامات والاتصالات: امحمد يوسفي.
• كان الاتصال بين المنظمة والمكتب السياسي لحركة الانتصار يتم عن طريق وسيط يسمى المندوب الخاص وهو المناضل حسين لحول.
• انضم إلى هؤلاء مجموعة من الشبان : كمصطفى بن بولعيد، والعربي بن مهيدي، ورابح بيطاط، أحمد بوشعيب وعديد القادة والمناضلين الذين يشرفون على الخلايا عبر التراب الوطني.
• شروط الانضمام الى المنظمة الخاصة:
• الاقتناع التام بالكفاح المسلح والالتزام بالسرية و الشجاعة و الصبر والاستعداد لكل الطوارئ .
• الفطنة و قوة الذاكرة فضلا عن القدرة الجسدية كشرط أساس لاحتمال التعب و الجوع و النوم لساعات ليلة
• مراعاة الأقدمية في الحزب ، و عدم معرفة رجالها من قبل الشرطة الفرنسية .
• اخضاع المجند لامتحانات صعبة من أجل قبلوه النهائي بحيث يقسم بالله و على المصحف الشريف على أن يحفظ السر و أن لا يخون النظام و على أن يواصل العمل ضمن صفوف المنظمة و لا ينسحب منها متى شاء و كيفما أراد ، أي أن مدة التجنيد لم تكن محددة .
• التنظيم الهرمي للمنظمة الخاصة:
• اتبعت المنظمة الخاصة الطريقة الهرمية التقليدية في تشكيل الخلايا فالقائد يعرف ثلاثة رجال وكل واحد منهم يدرب ثلاثة رجال في قسم ، و هكذا تتكون ثلاثة أقسام .
• كل قسم لا يعرف القسم الثاني و لا القسم الثالث و لا حتى القائد الأعلى و لا بقية القيادات التي تتصل به بصورة مباشرة.
• المراتب التي يمر بها المنخرطون في المنظمة : متصل به - مناسب - معني به ويتلقى تكوينا خاصا - صديق- محب متصدق - محب منظم - منخرط- مناضل
• كان المناضلون العمليون أي المجندون في المنظمة الخاصة موزعين على مجموع التراب الوطني، و تركيبتهم الهيكلية تبدأ من :
نصف الفوج : و يتكون من مناضلين (2) أو ثلاث (3) يرأسهم مسؤول .
الفوج : و يتكون من أربعة (4) مناضلين يرأسهم مسؤول أي خمسة (5) أفراد .
الفرقة : و تتكون من ثلاثة (3) أفواج و مسؤول ، و تساوي (16) فردا .
الفصيلة : و تتكون من (3) فرق و مسؤول ، و تساوي (49) فردا .
و للمنظمة مصلحة عامة و مقسمة إلى عدة شبكات مثل :
• شبكة الاشتراك أو التواطؤ "complicité" .
• شبكة الصناع "les artificiers«
• شبكة الاتصالات "réseau de communication"
• قسم الفداء و مهمته قيام بالعمليات الفدائية .
• أما الخلايا فكانت على شكل هرمي أيضا ـ سواء من حيث الدرجة أو نظام هيكلة الأعضاء:
1- خلايا اختيار المحبين : التي تضم المنظمين .
2- خلايا الدعاية : التي تضم المنخرطين
3- خلايا العمل : التي تضم المناضلين .
• التكوين الديني والتاريخي للمناضلين في المنظمة:
• التكوين العسكري للمناضلين في المنظمة:
• تموين المنظمة الخاصة بالأموال والسلاح:
• بعد تفويض من الحزب إثر اجتماع اللجنة المركزية في شهر ديسمبر 1948 ، تم مهاجمة مركز بريد وهران ليلة 05 أفريل 1949 من طرف: أحمد بن بلة، حسين آيت أحمد، وحمو بوتليليس، وبلحاج بوشعيب، والحاج بن علّة، وسويداني بوجمعة، وبختي نميش، وبن زرقة محمد. وتم الحصول على مبلغ قدره 3070000 دج فرنك وقد تمت به عملية شراء حوالي 700 قطعة سلاح من ليبيا في تلك الفترةوقامت المنظمة الخاصة بعدة علميات أخرى مثل تحمل مسؤولية الفارين من الإدارة الاستعمارية كمقاومي القبائل الذين ظلوا في الأدغال بين 1945-1948 في ظروف مزرية بعيدا عن قراهم يتحملون قساوة العيش و قد بلغ عددهم حوالي 50 مناضلا .
• اكتشاف المنظمة الخاصة مارس 1950:
- الرواية الأولى: عن طريق حادثة بريد وهران ، و من هنا بدأت متابعة مخابرات الفرنسية للمنظمة حتى اكتشافها يوم 18 مارس 1950 .
- الرواية الثانية : مفادها أن السلطات الفرنسية علمت بوجود تنظيم مسلح عندما اعتقلت 3 طلاب من بينهم محمد يزيد الذي ضبط و هو يحمل وثائق عن الجيش السري و كان ذلك في شهر ماي 1949 .
- الرواية الثالثة : تقم على فرضية أن الجناح السياسي لح.إ.ح.د هو الذي أوعز إلى سلطات الاحتلال بالتخلص من المنظمة ،خاصة وأن كثيرين كانوا معارضين لها و كانت القيادة آنذاك ترفض العمل المسلح فازداد خوفها بعد العمليات التي قامت بها المنظمة.
- الرواية الرابعة : و يطلق عليها حادثة تبسة ، يتفق حولها الكثير من المؤرخين و المناضلين حيث أن اكتشاف لمنظمة الخاصة في مارس 1950 إثر عملية تبسة و هي عملية نفذت بأمر من قيادة المنظمة على مستوى قسنطينة و المتمثلة في الثلاثي : محمد بوضياف ، و محمد العربي بن مهيدي ، و مراد ديدوش " ، وذلك جراء عملية التأديبية قام بها مسؤولو المنظمة ضد أحد أعضائها و هو " عبد القادر خياري " المدعو «رحيم» من مدينة تبسة، وقد فرمن المجموعة وقام بتبليغ الشرطة، وبعدها بدأت سلسلة اعتقالات واسعة من تبسة إلى سوق اهراس و عنابة وعمت كل الجزائر تقريبا إلا بعض الخلايا التي لم تستطع اختراقها المخابرات الفرنسية.
• -موقف فرنسا من اكتشاف المنظمة الخاصة:
• تم الإعلان عن تفكيك المنظمة من طرف فرنسا، وشرعت عملايت التعذيب والاستنطاق في حق المواطنين ،وقد تم القبض على المئات من المناضلين أو ما يقارب (400) مناضل منهم القياديين في المنظمة و أعضاء هيئة الأركان، وألقي القبض على أحمد بن بلة قائد المنظمة في هذه الفترة، و جيلالي رقيمي قائد تنظيم العاصمة ، و عمار ولد حمودة من منطقة القبائل ،و بلحاج جيلالي مدرب وطني ، و حمو بوتليليس قائد المنطقة الوهرانية ، و أحمد مهساس قائد سابق منطقة الجزائر الجنوبية و أعضاء من المصلحة العامة منهم محمد يوسفي مسؤول عن شبكة التواطؤ و محمد اعراب قائد مصلحة العباقرة .
- مصير مناضلي المنظمة الخاصة بعد تفكيكها:
• صدرت في أعضاء المنظمة احكام مختلفة من أعمال شاقة و السجن المؤبد منهم أحمد بن بلة و محمد خيضر و حسين آيت احمد و بوجمعة سويداني و غيرهم ولاذ الكثير من الأعضاء بالفرار رغم معارضة زعماءهم إلى خارج الوطن و خاصة نحو القاهرة و فرنسا مثل أحمد بن بلة و محمد خيضر و حسين آيت احمد و مصطفى بن عودة ، و محمد بوضياف و مراد ديدوش / تخفى عديد من القادة والمناضلين داخل الجزائر إلى غاية اندلاع الثورة منهم مثل بن عبد المالك رمضان ومشاطي وبن مهيدي وبوصوف عبد الحفيظ في منطقة وهران الخ ونشير إلى أنه كثرا من الخلايا في منطقة الأوراس و القبائل والعاصمة لم يتم اكتشافها تلك الفترة.
• موقف الحزب(حركة الانتصار للحريات الديموقراطية) من اكتشاف المنظمة:
• بعد مرور المنظمة الخاصة بهذه الظروف القاسية اتخذت قيادة ح.إ.ح.د قرارا لا يقل خطورة عن اكتشاف المنظمة الخاصة ذاتها و هو إجراء الحل للفروع التي لم تكتشفها المخابرات الفرنسية في منطقة الأوراس و القبائل و العاصمة رغم مطالبة مسؤوليها بالإبقاء على وجودها و لو كانت ذلك بشكل رمزي .
• بعد هذا القرار ابتعدت القيادة الحزبية أكثر عن الأهداف الثورية التي سطرتها منذ البداية و هذا ما جعل أعضاء المنظمة الخاصة يفكرون في اتخاذ موقف مستقل نهائيا عن المنظمة السياسية ، و كانت بداية الانفصال بداية صعبة لأنهم أصبحوا يعيشون عزلة تامة عن كل الأطراف .
• واصلت بعض المناطق نشاطها العسكري مثل الأوراس إذ رفض بن بولعيد قرار الحزب ، و من الأعمال التي قامت بها هذه المنطقة احتضان مجموعة من إطارات المنظمة الخاصة من بينهم : الأخضر بن طوبال ، سي المكي بن طرشة ، و رابح بيطاط ، عبد السلام حبشي فضلا عن وجود مجموعة أخرى من القبائل الكبرى ، كما التحق بها الفارون من سجن عنابة مثل مصطفى بن عودة ، و يوسف زيغود ، و سليمان بركات .
يتبع في المحاضرة 06
على نفس المدونة
لاتنسوا الاشتراك في المدونة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق