‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 12 سبتمبر 2022

مذكرات الجندي آلان بوليت في عين دم بالجزائر 1959-1961

آلان بوليت. مجند في الجزائر. رسومات ومراسلات 1959-1961. معسكر التجمع عين دم.

افتتاحية سيلفانا ، 2022



في مارس 1960 ، وصل آلان بوليت إلى الجزائر العاصمة. تم تعيينه في 23rd RIMa ، وقد أكسبته جودته كطالب في الفنون الجميلة أن يتم إرساله إلى أكثر الوظائف البعيدة للعمل كمصمم في النوادي والفواييهات. اكتشف في إحدى هذه المنشورات معسكر إعادة التجميع في عين ديم. المراسلات المتبادلة مع زوجته بريجيت ، والرسومات المأخوذة من الحياة تقدم لنا نظرة غير مباشرة على هذا المعسكر. هذه الصور تلاحقه طوال حياته. بعد 60 عامًا ، من خلال التبرع بمكاتباته ورسوماته إلى الأرشيف الوطني لما وراء البحار ، أراد آلان بوليت الإدلاء بشهادته.

210 pages.

Prix : 24 €

السبت، 22 يناير 2022

الدولة الموحدية : مقال للمراجعة

الدولة المــوحـديـة



ظهور المهدى بن تومرت:
  •          لم تـنعـم «دولة المـرابـطيـن» بــالهـدوء والاستقرار منذ ظهور الداعيـة «مـحمـد ابـن تـومـرت» عــلى مسرح الأحداث، وقد نشـأ «ابن تومرت» نشـأة دينيـة بقبيـلة «هرنمـة» إحدى قبائل المصامدة، ولكن ما تلقاه مـن عــلوم فــى وطـنه لم يَرْوِ ظـمــأه، فسـافر إلى المراكز الثقـافيـة المشهورة بـالعـالم الإسـلامـى، وبدأ رحلاته إلى «الأندلس» فى مطلع القرن السادس الهجرى، ثم إلى المشرق مارَّا بالإسكندرية، ومنها إلى «مكـة» ثم إلى «بغداد» حيث التقى هناك بأكابر العلماء أمثال «أبى بكر الطرطوشـى»، واستغرقت رحـلته فى طلب العلم نحو خمسة عشر عـامًا مكنته من التزود بقدر كبير من الثقافة والمعرفة، وتعرُّف أحوال العالم الإسلامى، ومدى انقسام المسلمين وفرقتهم بالمشرق. وبعد أن عـاد إلى «المغرب» بدأ دعوته بمدن المغرب محـاولاً إصـلاح الأوضــاع الفــاسـدة وتـغيـيرهــا. فـوجـدت دعـوتـه قبولاً وترحيبًا من الجمـاهير، ورفضًا شديدًا من الحكـام؛ إذ رأوهـا خطرًا يهدد مصالحهم ومراكزهم.
  • والتـقـى «ابن تومرت» خـلال هذه الرحـلة بعبد المـؤمن بن عـلى الذي أصبح من أخـلص تـلاميذه، وصاحبه فى كل مكان يذهب إليه، ثم دخل «ابن تومرت» العـاصمة «مراكش» فى منتصف ربيع الأول سنة (515ه=1121م)، وقـام بدوره فـى الوعظ والإرشـاد، واعترض عـلى سيـاسـة الدولة فــى بـعض الأمور، فوصـل خبره إلى الأمير «عـلى بن يوسف» الذى استدعاه، وجمع كبار العلماء والفقهاء لمناظرته. وانتهـى الأمر بطرده من العـاصمـة خشية التأثير على العامة وإضعاف مراكز الفقهـاء. وكـانت الحصـافة السياسية تقتضى سجن هذا الداعية أو التـحفـظ عــليه لخطورته عـلى الدولة، وهو مـا تحقق عقب مغـادرة «ابـن تـومـرت» «مراكش»، إذ أعـلن عن نيـاته فـى مواجهـة السـلطـة الحــاكـمـة، وخـلعه الأمير «عـلى بن يوسف»، وبـايعه مَن حوله إمـامًا للدعوة الجديدة فـى سنـة (515هـ/ 1121م)، واتخذ من مدينة «تينملل» مـقرا له، ومـركـزًا لدعـوتـه، وشـرع فــى تـحقـيق أهدافه السيـاسيـة والدينيـة لإقـامة خلافة إسلامية بالمغرب، ولم يدخر فى ذلك وُسعًا ولا وسيـلة إلا استغلها، وعمد إلى نشر دعوته بين السذج، وألَّف لهم فى التوحيد والعقيدة بـلغتهم البربريـة حتـى يسهـل عليهم التعلم، ويسهل عليه السيطرة عليهم، ومن ثم باتت له الكلمة العليا فى كل شئونهم.
  • وفاة ابن تومرت [524هـ/ 1130م]:
  • شــارك «ابـن تـومـرت» فــى الكفـاح المسـلح ضد «دولة المرابطين»، وتـذكـر المـراجـع أنـه اشـترك فــى تـسع غـزوات، وكــانـت مـعركـة «البحيرة» التـى أصيب فيهـا الموحدون بالهزيمة هى السبب الرئيسى فــى خيبـة أمـل «ابن تومرت» ومرضه؛ حيث قتـل فيهـا عدد كبير من أتباعه، ولكن بقاء تلميذه ومساعده «عبد المؤمن بن على» على قيد الحياة كان سببًا فى تخفيف هذه الصدمة، ومع ذلك لزم «ابن تومرت» داره، واشتد عـليه مرضه، وفـارق الحيـاة فـى سنة (524هـ/ 1130م)، وخلَّف وراءه حربًا مشتعلة على أرض «المغرب الأقصى» .  
  • عبد المؤمن بن على:
  • حمـل «عبد المـؤمن» أعباء الدعوة عقب وفاة أستاذه، وشُغل بتنظيم شـؤون المـوحـدين، مدة عـام ونصف العـام، ثم شرع فـي الكفـاح ضد المرابطين فـى منطقـة «الأطلس» جنوبى «مراكش» فى «وادى درعة» و«بــلاد السـوس» و«بـلاد جـاحـة» القريبـة من «تينمـلل»، ثم استولى المـوحـدون عــلى «مـراكـش» عــاصـمـة المرابطين في سنـة (541هـ/ 1146م)، بعد كفـاح دام أكثر من عشر سنوات كـان النصر فيهـا حليفًا للموحدين.
  • وقـد نجح «عبد المـؤمن» فـي إحكـام قبضته وسيطرته عـلى «المغرب الأقصـى» بعد سقوط دولة المرابطين بسقوط عـاصمتهم «مراكش»، ثم وجه اهتمـامه إلى الشرق، وبعث بحمـلاته المتتـابعة التى وصلت حتى «طـرابــلس» بــإفـريـقيــة، فـســاعـد هذا النصر عـلى تحقيق الوحدة السيـاسيـة للمغرب الإسلامى، وتلقب «عبدالمؤمن» بلقب خليفة، واتخذ من «مراكش» عـاصمـة للخـلافـة، ثم شرع في تجهيز حملة كبيرة لدفع النصـارى عن مدن «الأندلس» فـي سنـة (556هـ/ 1161م)، إلا أن مرضه حال دون إتمام هذه الحملة، ومات في سنة (558هـ/ 1163م).
  • يوسف بن عبد المؤمن:
  • بويع «يوسف» في سنة (558ه= 1163م)، ليكون خلفًا لوالده. ومـا إن استقر فـي العـاصمـة حتى واجهته ثورة «مرزدغ الصنهاجى» بجبـال «غمـارة»، فنجح فـي القضـاء عليها وتفريق أعوانها، ثم أمر بقتل «مرزدغ»، وحمل رأسه إلى العاصمة «مراكش». ووجـه «ابـن عـبد المــؤمـن» جُلَّ جـهوده إلى دعـم ســلطــة المـوحدين بـالأندلس، وبعث بـالحمـلات المتتـابعـة إليها، وخرج على رأس إحداها فـــي سـنـــة (566ه= 1170م)، لتــأمـين ثـغور «الأنـدلس» وضـبطـهــا وإصـلاحهـا، ثم خرج فـي سنة (579ه= 1183م) على رأس حملة كبيرة إلى «الأنـدلس» لغـزوهـا، إلا أنه أصيب بسهم عند أسوار «شنترين»، فـأسرع الجند بحمـله والعودة به مصـابًا إلى «مراكش»، فقضـى نحبه في سنة (580ه= 1184م).
  • المنصور الموحدي:
  •        ولى «يعقوب بن يوسف بن عبد المـؤمن» خلفًا لوالده في سنة (580ه= 1184م)، ولقب نفسه بـالمنصور، وتوزعت جهوده العسكرية في أكثر من ميدان؛ حيث قامت ثورة بزعامة «الجزيرى» الذى أخذ يدعو لنفسه بـين القبـائـل فـي سنـة (585ه= 1189م)، فقضـى عـليهـا «المنصور» وقتل زعيمها، ثم قامت ثورة أخرى ببلاد «الزاب» بزعامة رجل يدعى «الأشــلّ» فــي سنـة (589هـ = 1193م)، فكـان مصيرهـا الفشـل مثـل سابقتها.
  • أمــا ثـورة «بنـي غـانيـة»، التـي استهدفت إحيـاء «دولة المرابطين» والدعـاء للخـلافـة العبـاسيـة عـلى المنـابر بـإفريقيـة، فكـانت الخطر الحـقيـقــي الذي هدد «دولة الموحدين»، فوجّه «المنصور» إليهـا كـل جهوده للقضـاء عـليها، وعلى الرغم من تكرار المحاولة فإنه لم ينجح في القضاء عليها نهائياًّ.
  • وقـد أولى «المنصور» «الأندلس» اهتمـامه وعنـايته، ودخـل فـي عدة معـارك مع الإفرنج؛ كـانت أبرزهـا معركـة «الأرك» في سنة (591ه= 1195م)، تـلك التـي أوقفت زحف النصارى، وزادت من هيبة الموحدين ومكـانتهم بـالشمـال الإفريقـي، ثم أصيب المنصور بوعكة صحية أدت إلى وفاته في سنة (595هـ = 1199م).
  • الناصر الموحدى:
  •       تولى «النـاصر أبو عبد الله محمد بن يعقوب» خـلفًا لوالده «المنصور»، فحدثت فـي عهده بعض التطورات السيـاسيـة والعسكرية التي انتقلت بـدولة المـوحـديـن مـن مـرحــلة القـوة والسـيـادة إلى مرحـلة الانهيـار والسقوط؛ حيث تمكن فـي بدايـة حكمه من القضـاء عـلى ثورة «بنـى غـانيـة» بـإفريقيـة التي دخلها في سنة (598ه= 1202م)، وعاد منها فـي سنـة (604ه= 1207م)، بعد أن ولى عـلى «إفريقيـة» «أبا محمد عبد الواحد بن أبـى حفص» أحد أشيـاخ الموحدين، فعكف «ابن أبـى حفص» عـلى معـالجـة شئون «إفريقية»، ودعم سلطان الموحدين بها، إلا أن ولايــة «أبــى حـفص» كــانـت البدايـة لقيـام «دولة الحفصيين» بتونس؛ حيث استقل أبناؤه - بعد ذلك - بها وأسسوا ملكًا مستقلاً. وقد فُجع الموحدون بهزيمـة قـاسيـة بـالأندلس فـي معركـة «العقاب» التـي راح ضحيتهـا عدد كبير من الجند، ممـا أضعف «دولة الموحدين» وأفـقدهـم هـيبـتهـم، وأُصيب «النـاصر» بـالمرض، وتوفـى فـي سنـة (610ه= 1213م).
  • وقد عرف الانهيار والضعف طريقهما إلى «دولة الموحدين» عقب وفاة «النــاصـر»، ودخــلت الدولة مـرحـلة من الفوضـى، والصراع بين أفراد البـيت المـوحـدى، فـضــلاً عـن انـدلاع الثورات والقـلاقـل في أمـاكن متعددة، وظـل هذا حـالهـا حتى سنة (668ه= 1269م)، التي قتل فيها «أبـو دبـوس» آخر خـلفـاء الموحدين أمـام أسوار العـاصمـة «مراكش» التـي دخـلهـا «المرينييون» وقضوا على «دولة الموحدين». وقد تولى عقب وفاة «الناصر» عدد من الخلفاء الضعاف، هم:
  • 1 - أبو يعقوب يوسف الثاني المستنصر بالله [611- 620ه].
  • 2 - أبو محمد عبد الواحد المخلوع [620- 621ه= 1223- 1224م].
  • 3 - أبو محمد عبد الله العادل [ 621 - 624هـ = 1224- 1227م ].
  • 4 - المأمون أبو العلاء إدريس ابن يعقوب المنصور [624- 630ه= 1227- 1233م].
  • 5 - أبو محمد عبد الواحد الرشيد [630 - 640ه= 1233- 1242م].
  • 6 - أبـو الحـسن عــلى السـعيـد المـقتـدر بــالله [640 - 646ه= 1242 -1248م].
  • 7 - أبو حفص عمر المرتضى [ 646 - 665هـ = 1248 - 1267م ].
  • 8 - أبـو العـلاء إدريس الثـانـي (المعروف بـأبـي دبوس) [665 - 668ه=1267 - 1269م].
  • العلاقات الخارجية:
  • انحصرت عـلاقـات الموحدين الخـارجيـة فـي جبهتين همـا: «الأندلس»، و«الخلافة العباسية».أمـا «الأندلس»، فقد استولى عـليها الموحدون مع غيرها من المدن من المـرابـطيـن، وســاروا عــلى نـهج مـن سـبقـهم فـي التصدي لعدوان النـصـارى، وأعدوا الحمـلات، وخـاضوا المعـارك من أجـل تحقيق هذا الهـدف، ولكـن هـزيـمتـهم فــي مـعركـة «العقـاب» فـي عـام (609ه= 1212م)، كـانت بدايـة انحسـار نفوذهم عـلى أرض «الأندلس»، ومن ثَم بدأت القوى النصرانية تحقق انتصاراتها حتى زالت «دولة الموحدين».
  • وقـد اخـتــلف مـوقـف المـوحـديـن مـن الخــلافـة العبـاسيـة عن موقف المـرابطين؛ حيث لم يعترف الموحدون بـالعبـاسيين، واعتبروا أنفسهم خـلفـاء، وأن مركز الخـلافـة مدينة «مراكش»، وليس «بغداد»، ودعموا خـلافتهم بـالادعاء بأن «ابن تومرت» و«عبد المؤمن» من نسل الرسول عن طريق «الأدارسـة»، واتخذوا اللون الأخضر شعـارًا لهم كي يظهروا ميلهم إلى الدعوة العلوية، وتشبهوا بالرسول في تصرفاته وأفعاله.
  • الأوضاع الحضارية في دولة الموحدين:
  • أولا: السلطة العليا في البلاد:
  •        عمد ابن تومرت تنظيم أصحـابه فى نظام إدارى معين، وعلى قمة هذا التـنظـيم الإدارى هـيئــة العـشرة التـى تختص بـالعظيم من الأمور، ولم يـتركـهم «ابـن تـومـرت» إلا وقد عهد إلى «عبد المـؤمن بن عـلى» أن يتولى خلفًا له قيادة الموحدين.
  • وقد بويع «عبد المؤمن» بيعتين: بيعة خاصة، وبيعة عامة، أما الخاصة فـكــانـت عـقب وفــاة «ابن تومرت» (524ه= 1129م)، واقتصرت هذه البيعة على أهل الجماعة. وأما العامة فكانت في سنة (527ه= 1132م) على أرجح الأقوال. وقد اتخذ خـلفـاء الموحدين الوزراء لمعاونتهم في إدارة شئون البلاد، وأصـبح للخــليـفــة وزير أو أكثر، وكـان اختيـار الوزير يتم عـادة من الأسرة الحاكمة أو من أسر وقبائل معينة، ثم أصبح الوصول إلى هذا المـنصـب يـتم وفقًا لصفـات وشروط يجب أن تتوافر فيمن سيقع عـليه الاختيار لهذه المكانة.
  • وقد تولى عدد من أفراد أسرة الخلافة منصب الوزارة، منهم: «عمرو» ابن الخـليفـة «عبد المـؤمن»، وهو أول وزير من أسرة الخلافة، و«أبو حفص بن عبد المؤمن» أخو الخليفة «يوسف». واختير عدد من الوزراء من أسرة «بنـى جـامع»، وقبيـلة «هنتـاتـة»، وقـبيــلة «كـومـيـة»، وأشهر وزرائهم عـلى التوالى هم: «أبو العـلاء إدريـس بـن إبراهيم بن جـامع»، و«أبو عمر بن أبـى زيد الهنتـانـى»، و«عبدالسلام بن محمد الكومى». 
  • وهناك وزراء أهَّلتهم صفاتهم ومواهبهم لتولى هذا المنصب، مثل: «أبى جعفر أحمد بن عطية».
  • ثانيًا: النظام الإدارى:
  •        اسـتعـان الموحدون فـي بدايـة عهدهم بـأشيـاخهم فـي تولي أقـاليم الدولة، ثـم أنـشـأ الخـليفـة «عبد المـؤمن» بمراكش مدرسـة جمع فيهـا أولاده وثــلاثــة آلاف طــالب مـن قبـائـل المصـامدة، وزوَّدهم بمختـلف العــلوم، وأشـرف عـلى تعـليمهم إدارة شئون البـلاد، وتدريبهم عـلى شـؤون الحـرب والقـتــال، فــلمــا أتـموا تـعـليمهم استبدلهم بـأشيـاخ الموحدين فـي تولى السـلطـة بـأقاليم الدولة، ثم عين أبناءه بعد ذلك على الأقاليم.
  • الدواوين:
  • اهتم الموحدون بـإنشـاء الدواوين المختلفة ويأتي في مقدمتها ديوان الإنشـاء الذي يختص بـالمراسيم السـلطـانيـة والرسـائـل الموجهة إلى الولاة والقضـاة، ولذا حشد له الخـلفـاء نخبـة ممتازة من أدباء المغرب والأنـدلس، ثـم يــأتــي بعده «ديوان الجيش» الذي يتفرع إلى ديوانين لكـل منهما اختصاصه. كما كان هناك «ديوان الأعمال المخزنية» الذي يشرف عـلى تحصيـل الأموال العـامـة، وعلى إنفاقها، ويراقب العمال والمشرفين ويحاسبهم.
  • الشرطة:
  •         كـانت الشرطـة من المنـاصب الإداريـة المهمة التي اهتم بها الموحدون، وظهر ذلك فـي عهد «يوسف بن عبد المؤمن» الذي زود المدن المغربية بنخبـة ممتـازة من الرجـال للسهر عـلى أمنهـا وحمـايتهـا، كما خُصص للأسواق رجال من الشرطة لحمايتها من اللصوص والمتسللين.
  • النظام القضائى:
  •        اتخذ الموحدون نظـامًا قضائيًّا مشابهًا لنظام المرابطين، وحرص خلفاء المـوحدين عـلى تعيين كبـار القضـاة بـأنفسهم، وأحـاطوهم بـالهيبـة والجــلال، وجعـلوهم نوعين، همـا: قضـاة المدن المغربيـة، وقـاضـى الجمـاعـة بالعاصمة، وكان قاضى الجماعة أعظم رتبة ومنزلة من بقية القضـاة، وهو يوازي قـاضـى القضـاة بـالمشرق، وكان مقصورًا على قاضى «مراكش» وقاضى «قرطبة» ويتم تعيينه من الخليفة مباشرة. ومُنح القضـاة الحق فـي مراقبـة جميع العمـال والولاة، وجمع بعضهم بين وظـائف القضاء والكتابة والمظالم، كما جمع بعضهم بين وظيفتي القضاء بالمغرب و«الأندلس».
  • الحياة الاقتصادية في دولة الموحدين:
  •         نعمت البـلاد بـالرخاء الاقتصادي في عهد الموحدين؛ إذ وضعوا نظامًا مـاليـاًّ دقيقًا، تمثـل في الإدارة المشرفـة عـلى الجوانب المـاليـة في الجبـايـة والإنفـاق، فضـلا عن وجود دواوين للمـال بالعاصمة، وديوان للمـال بكـل إقـليم يختص بماليته، وأفرد الموحدون دارًا للإشراف على النـواحـي المـاليـة، كمـا استحدثوا منصب الوزير المسؤول عن الشئون المـالية أطلقوا عليه اسم «صاحب الأشغال»، ومهمته استخراج الأموال وجمعهـا وضبطهـا، وتعقب نظر الولاة والعمال فيها، ثم تنفيذها على قدرهـا وفى مواقيتها، وكان يعاون صاحب الأشغال رؤساء الدواوين المالية بالدولة.
  • فـوفرت هذه المصـادر إلى جـانب الزكـاة وخمس الغنـائم أموالا كثيرة لخـزيـنــة الدولة، أُنـفق معظمهـا عـلى إعداد الجيش فـي البر والبحر، ودفـع مـرتـبــات الوزراء ورجـال البـلاط والحشم والقضـاة والفقهـاء، وكذلك فـي الإنفـاق عـلى الطـلبـة المنتظمين بـالمدرسة التي أنشأها الخـليفـة «عبد المـؤمن»، كمـا أنفق منهـا عـلى إنشاء المدن والقصور والحصون وغيرها من المنشآت.
  • وأصدر الموحدون عملة نقدية من الدنانير والدراهم. وقـد اهـتم المـوحـدون بــالزراعــة وشجعوا المزارعين عـلى استغـلال الأرض، ووفروا لهم الميـاه اللازمـة للزراعـة، فتوافرت محـاصيل القمح والشـعيـر، والقـطن، وقـصب السـكر، وغير ذلك من المحـاصيـل، كمـا نعمت البـلاد بأصناف الفواكه المتنوعة مثل: العنب والتفاح والكمثرى، وغـيرهــا، وانتشرت الغـابـات بـالبـلاد، وتوافر بهـا شجر الأَرْز والزان والبلوط.
  • ونشطت الحركـة الصنـاعيـة، وتوافرت المراكز الصنـاعيـة بالبلاد، مثل مـديـنــة «فــاس» و«مـراكـش»،وغـيرهــا مـن المدن التـي تنوعت بهـا الصـنــاعـات وضمت: صنـاعـة الصـابون، والتطريز، والدبـاغـة، وسبك الحديد والنحاس، وصناعة الزجاج، والفخار، وغير ذلك من الصناعات. وازدهرت التجـارة في الداخل والخارج، وكثرت المراكز التجارية التي أولاهـا الموحدون عنـايتهم، وشيدوا بها عدة أسواق، كما شيدوا بها الفنـادق، كما ساهمت «مكناسة» فى دعم ازدهار التجارة حيث كانت مـحطــة للمـسـافرين يبيعون ويشترون بهـا، فضـلاً عن وجود عدد من الأسواق العامرة والتجارات المختلفة بها.
  • وتمتعت البـلاد بنهضـة تجـاريـة خارجية، لوجود شبكة من الطرق التي ربـطت المدن المغربيـة بغيرهـا من المراكز التجـاريـة، فضـلاً عن وجود عدد من الموانئ المطـلة عـلى «البحر المتوسط» و«المحيط الأطلسي».
  • وكـانت محطـات للسفن المحمـلة بـالبضـائع القـادمة أو الخارجة منها، فتنوعت الصادرات مثل: القطن والقمح والسكر، وكذلك الواردات مثل: الذهب وبعض أنواع النسيج البلنسي، والعطر الهندى.
  • ولعـب مينـاء «سبتـة» عـلى «البحر المتوسط»، ومينـاء «سـلا» عـلى «المحيط الأطـلسـي»، دورًا بـارزًا في تنشيط الحركة التجارية في ظل حماية الأسطول الموحدي.
  • الحياة الاجتماعية في دولة الموحدين: 
  •         شكـلت قبائل المصامدة العنصر الرئيس لسكان دولة الموحدين، وقد اسـتقـرت بــالمـنطقـة منذ زمن، واتخذت المعـاقـل والحصون والقـلاع، وشيدت المبـانـي والقصور، وامتهن أفرادهـا الزراعـة وفلاحة الأرض، ولم يحـاولوا الهجرة من أرضهم، بـل تمسكوا بهـا، ودافعوا عنهـا ضد أي محاولة للاعتداء أو الاستيلاء عليها. أمـا العنصر الثـانـي من سكـان «دولة الموحدين» فهم العرب الهـلاليـة الذيـن ظهروا عـلى مسرح الأحداث، وعمد الموحدون إلى تهجيرهم من «إفـريـقيــة» إلى «المـغرب الأقـصــى»، ليتخـلصوا من ثوراتهم، كمـا استخدموهم فـي عمـليات الجهاد بالأندلس، فأقبلت أعداد كبيرة منهم إلى «المغرب الأقصـى»، وانتقـلت أعداد أخرى إلى الإقـامـة بالأندلس من خـلال الحمـلات التـي قـام بهـا الموحدون هناك، ثم حدد الموحدون إقامة بعض القبائل.
  • وقد تمتع العرب الهـلاليـة بمـا يتمتع به جند الموحدين، وأقطعهم ولاة الأمر بعض الأراضـي، وأنفقوا عليهم النفقات الكبيرة، وأغدقوا عليهم بــالعـطــايــا حتـى يوفروا لهم الاستقرار ويبعدوهم عن الفتن وإثـارة القلاقل والاضطرابات.
  • ونــالت المـرأة حـظهــا مـن التـكريـم والإنـصـاف والاحترام فـي «دولة الموحدين»، وأتـاحت لهـا الظروف أن تنـال حظـا من العـلوم المختلفة، وقسطًا من ثقافة العصر وأدبه، وبرزت الكثيرات من النساء مثل: «زيـنب» بـنت الخــليفـة «يوسف بن عبد المـؤمن»، والشـاعرة العـالمـة «حفصة بنت الحاج الركونية»، و«فاطمة بنت عبد الرحمن». وعـاش أهـل الذمـة فـي أنحاء متفرقة من البلاد، وكانت لهم أحياؤهم بالعاصمة «مراكش» وبمدينة «سجلماسة»، وكانوا يشتغلون بالبناء.
  • البناء والتعمير:
  • اهـتم المـوحـدون بــالبـنــاء والتـعمـير بــالمغرب و«الأندلس»، وحظيت «مراكش» و«الربـاط» وغيرهمـا من المدن المغربيـة بكثير من المنشآت الموحديـة، وأنشـأ الخـليفـة «عبدالمـؤمن» «مدينـة الفتح»، كمـا شيد المـسـاجد والقصور فـي أنحـاء متفرقـة من البـلاد، وكـان «المنصور» مولعًا بالعمارة، فشهدت البلاد نهضة معمارية استمرت طيلة عهده.
  • الحياة الفكرية: 
  • شـهدت «بــلاد المـغرب» حـركــة فكريـة نشيطـة فـي عهد المرابطين، واسـتمـرت كـذلك فـي عهد الموحدين، وسـاعدهـا عـلى ذلك استقرار الأوضــاع بــالبــلاد، والصـلة الوثيقـة بين «المغرب» و«الأندلس»، إلى جـانب رغبـة الكثيرين من أبنـاء «المغرب» فـي طـلب العلم، فضلاً عن تكريم الموحدين للعـلمـاء، والمتعـلمين ووصـلهم بـالعطـايـا، والهبات، والإنفـاق عـليهم، كمـا كـانت الأسس الدينيـة التـي قـامت عليها «دولة المـوحدين» سببًا فـي انتعـاش دراسـة عـلوم الدين، وانتعـاش الحركـة الفكرية.
  • المذهب المالكى: 
  •   شـن «ابـن تـومـرت» حـربًا شـعواء عــلى العـلمـاء والفقهـاء واتهمهم بـالجمود، ولكنه لم يستطع مهـاجمـة المذهب المـالكي الذي رسخ في أذهـان عـامـة الشعب وقـلوبهم، وتحايل على ذلك بإعداد مُؤَلَّف جمع فيه الأحـاديث النبويـة التـي وردت بموطـأ الإمـام «مالك»، وحذف منها معظم الإسناد للاختصار، في محاولة لصرف أذهان الناس عن المؤلفات المــالكـيـة، ثم جـاء «عبد المـؤمن» من بعده وأمر بحرق كتب الفروع، والاقتصـار عـلى الأحـاديث النبويـة. فـلمـا تولى «المنصور الموحدى» عمد إلى محو المذهب المـالكي من البلاد، وجمع كتب المذهب المالكي وحرقهـا، وأمر بجمع الأحـاديث المتعـلقـة بالعبادات من كتب الأحاديث مثل: «البخاري» و«مسلم» وغيرهما، وألزم الناس بدراستها وحفظها، وعـاقب عـلماء المذهب المالكي المتمسكين بتدريسه، وعلل ذلك بميله إلى الرجـوع إلى الكـتــاب والسـنــة والأخـذ بـظــاهـرهمـا، وكراهيته للخـلافـات التـي امتلأت بها كتب الفروع، ولكن علماء المالكية لم يؤثر فـيهـم التـهديد والعقـاب، وظـلوا يكـافحون فـي سبيـل بقـاء مذهبهم وتـدريـسه، فـسُجـن بـعضـهم مـثــل «ابن سعيد الأنصـارى»، وتُوفـى بعضهم نتيجـة التعذيب مثـل: «أبـى بكر الجياني المالكي»، ومع ذلك نجح هـؤلاء العلماء في إبقاء هذا المذهب وظل مذهب المالكية راسخًا ببلاد المغرب.
  • العلوم الدينية:
  •       ازدهـرت العــلوم الديـنيــة بدولة الموحدين، وزاد الإقبـال عـلى تفسير القـرآن ودراسته بـاعتبـاره مصدر التشريع الأول للبـلاد، وبرز عدد من المفسرين منهم: «عبد الجـليـل بن موسى الأنصاري الأوسي» المتوفى عــام (608ه= 1211م)، و«أبو بكر بن الجوزي السبتـي»، كمـا لاقـى عـلم القراءات رعـايـة ولاة الأمر، واشتهر فيه: «أبو بكر بن يحيى بن محمد بن خـلف الإشبيـلي» المتوفـى عام (602ه= 1205م)، و«على بن محمد بن يوسف اليابري الضرير» المتوفى عام (617ه= 1220م). أما علم الحديث فقد صار له شأن كبير واهتم به الخلفاء، وأمر الخليفة «عـبد المــؤمـن» بـحرق كـتب الفـروع، وردّ النـاس إلى قراءة الحديث، وأمــلى ابنه «يوسف» وحفيده «المنصور» الأحـاديث بنفسيهمـا عـلى الكُتاب لتوزيعها على الناس، واشتهر «أبو الخطاب بن دحية السبتي» و«ابـن حـبيـش» المـتوفـى عـام (584ه= 1188م)، و«القـاضـى عيـاض السبتـى» بتمكنهم من عـلم الحديث، ووضع بعضهم المصنفات في هذا العـلم، أمـا فـي مجـال الفقه فقد وضع «ابن تومرت» كتابه «الموطأ» على غرار «موطأ الإمام مالك» بعد حذف أسانيده.
  • ومـن أعــلام الفـقه فــي هذا العصر: «عبد المـلك المصمودي» قـاضـى الجـمــاعــة بـمراكـش، و«إبـراهيم بن جعفر اللواتـي» الفقيه المعروف بـالفاسي. ويعد كتاب: «الإعلام بحدود قواعد الإسلام» للقاضي عياض من أبرز مؤلفات هذا العصر الفقهية. وقد نـال عـلم الكـلام عناية الموحدين منذ قيام دولتهم؛ حيث دعا «ابن تـومـرت» إلى دراسـته، واتـهم عــلمــاء المرابطين بـالجمود لتحريمهم دراســة هذا العـلم، وقد اشتهر فـي هذا العـلم: «أبو عمرو عثمـان بن عـبدالله الســلالجــي» المـتوفــى سـنـة (564ه= 1168م)، و«محمد بن عبد الكريم الغندلاوي الفـاسـي» المعروف بـابن الكتاني المتوفى عام (596ه= 1200م).
  • الحياة الأدبية والعلمية:
  •           تــابـعت اللغــة العـربيـة انتشـارهـا بدولة الموحدين، لأنهـا لغـة البـلاد الرسميـة فـي مكـاتبـاتهـا ومعـامـلاتهـا وشئونها، وقد ساعد مجيء العلماء إلى المدن المغربية على انتشار اللغة العربية وازدهارها، كما كـان لقدوم القبـائـل الهلالية إلى«المغرب الأقصى» واستيطانهم بعض منـاطق البلاد أكبر الأثر فى دعم اللغة العربية وانتشارها؛ لتمسك هذه القبـائـل البدويـة باللسان العربي وما فيه من مفردات وتراكيب وبلاغة فـي الأسـاليب. وازدهر الأدب بفرعيه الشعر والنثر، وبـلغ درجـة عالية مـن الرقــي، وكـثرت محـافـله ببـلاد المغرب، وأقبـل ولاة الأمر عـلى تشجيعه ودعمه، وسعـى المغـاربـة إلى المسـاواة بـالأندلسيين الذين يفتخرون بمنزلتهم الأدبيـة، فضـلا عن رغبة المغاربة في الوصول إلى المناصب العليا التي لا يرقى إليها إلا ذوو العلم والأدب.
  • وقـد تـدفـق أدبــاء «الأنـدلس» وغـيرهم عـلى البـلاط الموحدي؛ حيث العـطــايــا والمـنح، وبـرزت مـجمـوعــة مـن الشـعراء منهم: «أحمد بن عـبد الســلام الجـراوي»، و«أبـو عـبد الله مـحمـد بـن حبوس» من أهـل «فــاس»، و«أبو بكر بن مجبر» من «شقورة»، وغيرهم كثير. وكـانت أبرز أغراض الشعر آنذاك هي الوصف والغزل والمدح.
  • حرص خـلفاء الموحدين على تزويد أنفسهم من مختلف الثقافات، لدعم مـوقف دولتهم، التـي قـامت عـلى أسـاس دينـي، ولذا تنوعت ثقـافـة الخـليفـة «عبد المـؤمن»، وأجاد في علوم الفقه والجدل والأصول، كما حفظ الأحاديث النبوية، وأحاط بالنحو واللغة، والأدب، والتاريخ، وعلم القراءات، والأنساب، وتنوعت ثقافة ابنه «يوسف»، حيث حظي بقسط وافر من العـلوم المختلفة حين كان واليًا من قِبل أبيه على «الأندلس»، وكذلك كان «المنصور» عالمًا بالحديث والفقه واللغة.
  • أمـا طبقـات الشعب فقد قـامت المـؤسسـات التعليمية بتثقيفهم، سواء بـالمكتب أو الربـاط أو المسجد أو المدرسـة، وقد قامت المدرسة التي أسسهـا الخـليفـة «عبد المـؤمن» بدور فعّال فـي إثراء ثقـافـة طبقات الشعب؛ إذ جمعت هذه المدرسة بين الدراستين النظرية والعملية. وكــان أبـرز عــلومهـا النظريـة هـي: حفظ القرآن وتدريسه، ودراسـة «موطأ ابن  تومرت»، وحفظ «صحيح مسلم»، أما العلوم العملية، فكانت: ركوب الخيـل والرمـي بـالسهم والقوس، وتعـليم السبـاحـة فـي بحيرة صنعت من أجل ذلك بالمدرسة.
  • المكتبات:
  • سـبقـت الإشــارة إلى ازدهــار التـأليف وكثرة عدد المكتبـات العـامـة والخـاصـة التـي ازدحمت بمئـات الكتب فـي شتى فنون المعرفة بدولة المرابطين، فـلمـا قـامت «دولة الموحدين»، أولى خلفاؤها هذا المجال عنايتهم، وجمعوا الكتب من كل مكان، وحرصوا على اقتنائها. وكـانت هنـاك المكتبـات العـامـة والخاصة إلى جانب مكتبات المساجد والمدارس والزوايا، فضلا عن مكتبة الخزانة العلية التي أنشأها خلفاء المـوحـديـن، وزودوهــا بـالكتب والمراجع من مختـلف العـلوم والفنون للاطـلاع والدراسـة كمـا كـانت هنـاك «المكتبـة الشـارية» بسبتة، تلك المكتبـة التـي أسسها «أبو الحسن على بن محمد الغافقى» المعروف بـالشـارى، وقد جعـلهـا وقفًا على علماء المغرب. وكذلك كانت هناك أعـداد كـثيـرة مـن المـكتـبــات الخــاصـة، ومنهـا: مكتبـة «ابن صقر» المتوفـى (569ه= 1173م) بمراكش، ومكتبـة «عبد الرحمن بن المـلجوم» بـفـاس، ومكتبـة «عبد الرحمن بن موسـى الأزدي الفـاسـى» المتوفـى (605هـ/ 1208م)، وقد باعتها إبنته بأربعة آلاف دينار.


الأحد، 3 أكتوبر 2021

صورة نادرة للمناضل مصالي الحاج ومفدي زكرياء سنة 1937

 صورة نادرة للمناضل مصالي الحاج ومفدي زكرياء سنة 1937 

  • تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة نادرة للمناضل مصالي الحاج رحمه الله في محاكمة له من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي سنة 1937 ، وقد ظهر في الصورة  بعد مصالي الحاج  الجالس على أقصى اليسار بلحية سوداء كل من  المناضل مفدي زكرياء بنظارات سوداء، ثم المناضل ابراهيم غرافة، ويليه المناضل حسين لحول .
  • تجدر الاشارة ان مصالي الحاج اعاد تأسيس حزب الشعب الجزائري في 11 مارس 1937 خلفا لنجم شمال افريقيا المنحل منذ 1929 والذي كان ينشط بصفة غير قانونية بالنسبة للقانون الفرنسي.

مصالي الحاج


الخميس، 16 سبتمبر 2021

طريقة إجراء شهادة حية 
مع مجاهد أو مناضل
 وتوظيفها في البحوث
 ومذكرات التخرج

شهادة حية  مع مجاهد أو مناضل

 وتوظيفها في البحوث ومذكرات التخرج

شهادة حية


  • تعريف الشهادة الحية:
  • هي حوار عميق ونبش في الذاكرة يجريه طالب علم أو باحث أو مهتم بالتاريخ مع مجاهد أو مجاهدة أو مناضل أو شخصية  من أجل كشف حقائق تاريخية وأحداث حدثت في الماضي عاشها الشاهد أو حضرها  وذلك من أجل المساهمة في كتابة التاريخ الوطني  والحفاظ على الذاكرة الجماعية من التلف والاندثار.
  •  الفئة المعنية بتقديم الشهادات الحية:

  • المجاهدون الحائزون على وثائق تثبت نشاطهم الثوري بكل رتبهم .
  • المناضلون في صفوف الحركة الوطنية أو الحركة الطلابية أو الكشفية  او الإصلاحية.
  • المجاهدون الذين كانوا في فرنسا في فدرالية جبهة التحرير الوطني.
  • المجاهدون الذين كانوا في تونس أو المغرب أو الدول الأوروبية الأخرى  في مهام لصالح الثورة.
  • ملاحظة:
  • تجرى الشهادات الحية مع النسوة الاتي عشن الثورة لمعرفة دور المرأة  في الثورة فالبرغم من غالبيتهم لا يملكن وثائق إلا انهن يعرفن كثيرا من الأسرار وعايشت كثيرا من الاحداث
  • تجرى الشهادات الحية مع أبناء الشهداء وأبناء المجاهدين الذين كانوا شهود عيان وهم أطفال صغار فكثير منهم يتذكر الأحداث التي أثرت على نفسيته وطفل صغير أو تعامل مع المجاهدين في نقل الرسائل.

  • الشروط التي يجب أن تتوفر في المحاور(الباحث)
  • أن يأخذ المُحاور معه آلة تصوير وجهاز هاتف لتسجيل الشهادة الحية صوتا وصورة.
  • أن يتمتع المُحاور بمستوى ثقافي، فيكون باحثا أو طالب تاريخ ومن الأحسن مختصا في تاريخ الجزائر المعاصر والثورة التحريرية.
  • ضرورة تحلي المُحاور بالتركيز و الموضوعية لكي تؤثر توجهاته على عملية إدارة الحوار أو تتضح عاطفته في عملية تحرير الشهادة فيقوم بتحوير جزئيات أو معلومات عند وضعه للتقرير حول الشهادة.
  • أن يمتلك المُحاور معلومات سابقة وقاعدة معرفية عن الإطار الزماني والجغرافي والمنطقة التي كان فيها المجاهد وإلمامه عموما بالثورة في تلك الولاية أو الجهة ومعرفة أسامي بعض الشخصيات  الهامة التي نشطت فيها.
  • عدم تسرع المٌحاور في الحكم على المجاهد أو على  قيمة الشهادة الحية نظرا لعدم إحاطته بكل الأحداث التي لم يتطرق إليها المجاهد.
    أن لا يقزم من حجم المجاهد الذي يحاوره و في نفس الوقت أن لا يبالغ في قيمة  الشهادة التي يقدمها بل يعطيها قيمتها التاريخية الحقيقية.
    أن يتمتع المُحاور بخفة الظل والقدرة على إدارة الحوار بسلاسة ، فلا يثقل على المجاهد بالأسئلة التي قد تزعجه خاصة إن كان يكرر نفس السؤال عدة مرات.
  • إجراء المقابلة:
  • تكون إما فردية مع مجاهد أو جماعية ولكل حالة خصوصياتها.
  • أن يتصل المحاور مسبقا بالمجاهد أو عائلته لتحديد المكان والزمان ومن الجيد اعطاءه فكرة عن الموضوع الذي سيحاوره فيه أو الأسئلة التي سيطرحها عليه لكي يحاول أن يستذكر ما حصل أو يجهز وثائق أو ملفات عنده.
  • أن يحضر المحاور الأسئلة التي يريد ان يطرحها على المجاهد أو المجاهدين مسبقا.
  • يفضل في البداية تجاذب أطراف الحديث مع المجاهد بعيدا عن الموضوع ثم استدراجه شيئا فشيئا للتكلم.
  • مراعاة التسلسل الكرونولوجي حسب الزمان والمكان.
  • يستطيع المحاور طرح أسئلة أخرى تحضره في اللقاء لكن لا يكثر من فتح الجزئيات الصغيرة حتى لا يتوه عن الأسئلة الأساسية خاصة عن كان عامل الوقت لا يسمح.
  • إعداد استمارة المقابلة التي نشرناها مسبقا
  • تحديد الزمان والمكان الذي يلتقي فيه المحاور بالمجاهد والتأكيد على مكان هادئ ومريح بالنسبة للمجاهد خاصة.
  • يقدم المحاور نفسه بطريقة لائقة بعيد عن البروتوكولات أمام المجاهد لكي لا يحدث ارتباكا له مع أول لقاء ويستطيع بعد ذلك  أن يدلي بشهادته وهو مرتاح نفسيا.
  • عدم الاكتفاء بمصدر واحد لتسجيل حادثة تاريخية أو معركة فكلما كان عدد الشهود أكثر كان لها مصداقية أحسن.
  • عدم إعطاء للمجاهد الفرصة لإدارة النقاش أو الجلسة لكي لا يخرج عن الموضوع، فالباحث يجب أن يأخذ ما يريد أن يأخذه هو وليس ما يريد أن يعطيه المجاهد إياك مع ضرورة احترام  آراء وأفكار وثقافة المجاهد.
  • عدم الإكثار من الأسئلة لكي لا يتعب المجاهد، ومن الاحسن أن يبرمج اللقاء في حصص متقطعة  ومتقاربة حسب الوقت الذي يساعد المجاهد.
  • يطرح المحاور الأسئلة بهدوء ويترك الوقت للمجاهد للإجابة واستذكار الاحداث دون أن يربكه فيفتح المجاهد خزينة أسراره ويوضح وجهة نظره من الأحداث التي عايشها.
  • ضرورة الاعتراف بنسبية الشهادة التاريخية فيمكن أن تكون دليلا قويا في حدث معين ولا تعتبر مهمة في حدث آخر.
    إضافة جو من الألفة والمودة عند طرح السؤال لكي لا يحس المجاهد أنه في عملية استنطاق.
    عدم مقاطعة الضيف كل مرة وطرح عدة أسئلة في آن واحد.
  • التدرج في طرح الأسئلة ابتداءا من الأسئلة العادية والعامة وصولا إلى الأسئلة الحساسة والدقيقة والمتعلقة بقضايا حاسمة أو طابوهات لم يتم التطرق إليها.
  • أن تكون الأسئلة التي يطرحها المحاور واضحة ومفهومة ، مباشرة أحيانا وغير مباشرة أحيانا  أخرى.
  • أهم المحاور الرئيسية والثانوية في عملية طرح الأسئلة:
  1. وفق الصفة الثورية او المسؤولية التي تقلدها المجاهد تصاغ الأسئلة:
  2. الجزائر والحرب العالمية الثانية 1945- التجنيد الإجباري- إنزال الحلفاء 8 نوفمبر 1942
  3. مجازر 8ماي 1945 والانعكاسات والأصداء.
  4. نشاط حركة الانتصار للحريات الديموقراطية(حزب الشعب الجزائري).
  5. المنظمة الخاصة 1947-1950- أهم الخلايا-الأشخاص الذين انتموا إليها-هل كان منخرطا فيها؟
  6. جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- الحركة الإصلاحية والمصلحين في المنطقة.
  7. صراع المصاليين مع المركزيين وبروز اللجنة الثورية للوحدة والعمل.
  8. تأسيس جبهة التحرير الوطني واندلاع ثورة أول نوفمبر 1954
  9. الثورة في المنطقة التي عاش فيها المجاهد (أهم الاحداث التي عايشها)
  10. هجومات 20 اوت 1955 في الشمال القسنطيني.
  11. هجومات 2 أكتوبر 1955 في المنطقة الخامسة
  12. اضراب الطلبة 19 ماي 1956
  13. مؤتمر الصومام 20 اوت 1956 في الولاية الثالثة وانعكاساته.
  14. اضراب الثمانية أيام(28 جانفي -04 فيفري 1957).
  15. السياسة الاستعمارية في مواجهة الثورة.
  16. حالة الطوارئ وحظر التجول - السجون والمعتقلات والمحتشدات- التعذيب والإبادة
  17. التسليح خلال الثورة
  18. العمليات العسكرية الكبرى لجيش التحرير في الولايات وفي الحدود الشرقية والغربية
  19. المناطق المحرمة- الإضرابات والتجمعات- خطا شال وموريس على الحدود.
  20. الصراع بين الجبهة والحركة المصالية.
  21. اللاجئون الجزائريون إلى تونس والمغرب
  22. مظاهرات 11 ديسمبر 1960-مظاهرات 17 أكتوبر 1967
  23. الأعمال الفدائية في المدن.
  24. الأعمال الفدائية بفرنسا
  25. النظام الصحي خلال الثورة
  26. دور المرأة خلال الثورة
  27. النظام القضائي في الثورة التحريرية
  28. التعليم إبان الثورة الفرق الفنية والكشافية والرياضية لجبهة التحرير
  29. نشاط جيش التحرير في تونس والمغرب
  30. العمل المغاربي المشترك(تونس والمغرب)
  31. الثورة والدول العربية 
  32. الثورة ودول أوروبا الشرقية
  33. الإعلام الثوري(الإذاعة – الصحف ..الخ)
  34. منظمة الجيش السري الإرهابية OAS
  35. مفاوضات ايفيان ووقف اطلاق النار 19 مارس 1962
  36. الاستفتاء والاستقلال
  37. متفرقات حسب ثقافة ومعرفة الشاهد...
  38. عملية التحرير النهائي للشهادة:
  •  بعد أن ينهي الطالب (المحاور) شهادته مع المجاهد ينقلها كتابيا في النموذج الذي ذكرناه في الأول، ويراعي الدقة والتركيز في التدوين ويختار المصطلحات المعبرة عما يريد أن يقوله المجاهد.
  • يضع الطالب (واجهة) page degarde لهذه الشهادة يضع فيها الهيئة أو المؤسسة الجامعية التي ينتمي إليها واسمه ولقبه والتخصص الذي يدرسه، ويكتب بالبند العريض شهادة تاريخية مع المجاهد (الاسم واللقب)   ويضع ملخصا صغيرا لا يتجاوز 6 أسطر عن المجاهدة أو عن قيمة هذه الشهادة والمحاور التي تمسها لكي يسهل على الباحثين ايجادها أو العثور على ما يريدون بالتحديد.
  • يضعها الباحث بعد ذلك نسخا في المكتبة الجامعة أو المتحف أو مخابر البحث المتعلقة بالمجال ويترك نسخا لديه على شكل ملفات ورقية ومصورة ومسموعة.
  • طريقة توظيفها واستغلالها في البحوث والمذكرات
بالنسبة للطلبة الذين يريدون توظيف هذه الشهادات في البحوث يجب عليهم أن يتبعوا مايلي:
  • قراءة الشهادة الحية جيدا ومقارنتها بباقي الشهادات في نفس الموضوع لمعرفة مدى مصداقيتها 
  • اعتماد الشهادة الحية للتعريف بالمناطق والمراكز والشخصيات التي لم تذكر سابقا في الكتب او لم تذكر كثيرا.
  • اعتماد الشهادة في التوثيق للمعارك والاشتباكات التي لم تذكر في سابقا أو المعلومات عنها قليلة
  • اعتماد الشهادة الحية في لتفسير وتعليل بعض الاحداث في الثورة فالشهادة يمكن ان تكشف غموضا أو أسرارا جديدة لم تذكر من قبل
  • لا يجب أن نعتمد كليا على الشهادات الحية في البحوث والمذكرات نتطرق بن بشكل عام للموضوع انطلاقا من المصادر والمراجع ونستخدم الشهادات كمادة تكميلية 
  • ملاحظة:
    في قائمة البيبليوغرافيا تصنف الشهادة الحية مع المصادر المسموعة أو المكتوبة

  • النموذج المعتمد من طرف وزارة المجاهدين(عليه تعديلات من طرف الأستاذ)بن عبد المومن إبراهيم:
  • بطاقة مجاهد
  • الولاية: ........................                                                                                                                                                      
  • الدائرة:........................                                                          صورة شمسية
  • البلدية:........................ 

  • الاسم:........................ الاسم الحربي:........................
  • اللقب:........................                                           
  • تاريخ ومكان الازدياد:........................ 
  • اسم الأب:........................                         إسم ولقب الأم:........................ 
  •  الحائلة العائلية: ........................                                      عدد الأولاد:........................ 
  • المستوى الثقافي:........................ 
  • لغة أجنبية ........................ (فرنسية مثلا)
  • المؤهل العلمي:......................
  • العنوان الحالي:........................
  • تاريخ الالتحاق بالثورة التحريرية: ........... الصفة:.....(مجاهد-مسبل..)
  • القسمة:  ....... الناحية:.........
  •  المنطقة:......... الولاية:...........
  • النشاط خارج الوطن:  مثلا: في (المغرب أو تونس أو فرنسا...إلخ)
  • المسؤوليات التي تقلدتها أثناء الثورة:.............
  • رقم الاعتراف الوطني:............               رقم الوسام:...................... 
  • النشاطات السياسية التي قمت بها قبل 1954 (نشاطه في الحركة الوطنية)............................
  • متى انخرط؟ في أي تيار؟ ماهي مهامه؟ الشخصيات التي عملت معه أو يتذكرها؟..........................
  • النشاطات السياسية والعسكرية التي قمت بها من 1954 إلى  1962..................................
  • المعارك التي شاركت فيها أو قدتها:.............................................................................
  • هل سجنت؟ اسم السجن والفترة التي سجنت فيها؟......................................................
  • هل أصبت بجروح؟  نوع الإصابة؟ وفي أي اشتباك أو ومعركة أو عملية عبور؟ تاريخ الإصابة؟.....
  • النشاطات والوظائف التي تقلدتها بعد الاستقلال وإلى يومنا هذا......................................
  • معلومات أخرى.....................................................................
  • ملاحق(صور-وثائق-احصائيات-أرقام......إلخ).......

  • إمضاء المجاهد                                                    اسم ولقب المحاور المكان والتاريخ 
  • اعداد: د. ابراهيم بن عبد المومن
  • استاذ التاريخ - جامعة أم البواقي - الجزائر.

الاثنين، 1 فبراير 2021

بالصور: استخراج رفاة 5 شهداء بهنين- تلمسان

 

في اطار رد الاعتبار  لرموز الثورة التحريرية المباركة تم أمس الاحد 31 يناير 2021 استخراج رفاة 5 شهداء من مغارة بجبل سيدي سفيان ببني خلاد بدائرة هنين الساحلية بولاية تلمسان.

العملية اشرفت عليها مديرية المجاهدين والمتحف الجهوي للمجاهد وبالتنسيق مع الحماية المدنية والدرك الوطني والسلطات المحلية لدائرة هنين وكذا الكشافة الاسلامية الجزائرية ، وقد عرفت العملية حضور الاسرة الثورية وعائلات الشهداء في جو مهيب.

واكدت مديرية المجاهدين انها استرجعت مواد متحفية من ذات المغارة عبارة عن ادوات ،  وخرطوشات رصاص كان يستعملها المجاهدون الشهداء رحمة الله عليهم وسيتم اعادة دفن رفاة الشهداء بمقبرة الحناية يوم 11 فبراير القادم تزامنا ويوم الشهيد.









المجد والخلود لشهدائنا الابرار.






الخميس، 19 سبتمبر 2019

الملكة دينا...صديقة ومدعمة الثورة التحريرية الجزائرية


هل يعرف الجزائريون شيئا عن يخت الملكة دينا صديقة
 الثورة التحريرية والتي توفيت قبل أيام؟
الملكة دينا...صديقة ومدعمة الثورة  التحريرية الجزائرية


  • أعلن الأدرن العربي الشقيق عن وفاة الملكة دينا يوم الأربعاء 20 أوت 2019 ، الملكة التي استعمل اليخت الخاص بها في نقل شحنة سلاح كبيرة من مصر إلى الجزائر بمساعي حثيثة من طرف الرئيس الراحل احمد بن بلة، فالملكة دينا من سلالة شرفة وهي من مواليد 1929م.
  • لن نستعرض كثيرا حيثيات هذه العلمية ومغامراتها في البحار، قبل أن تصل إلى شواطئ المغرب لأن كثيرا من الدراسات تطرقت لها لما تملك من أهمية([1])، لكن وجب علينا أن نشير إلى القلق الذي كان ينتاب العربي بن مهيدي مسؤول المنطقة الخامسة ومعه القيادة التي كانت تنتظر على أحر من الجمر تلك الأسلحة لاستئناف العمل، وفي هذا الصدد يقول المجاهد محمد بعوش في مذكراته: "قرر مسؤولو المنطقة الأخوة العربي بن مهيدي، عبد الحفيظ بوصوف، وفرطاس سليمان أن يعقدوا اجتماعا في منتهى السرية بحضور كل من السايح ميسوم، بعوش محمد (المتحدث)، بوراق محمد، بكاي بن عبد الله، مستغانمي أحمد ليخبرونا بوصول الأسلحة والذخيرة في المستقبل القريب، فالمطلوب منا أن نحضر لعملية نقل تلك الأسلحة، وتعتبر هذه العملية الأولى من نوعها في المنطقة ونظرا لأهمية هذه العملية من الناحية المعنوية والمادية والتي من دون شك ستعطي دفعا جيدا لمسيرة الكفاح البطولي، اجتهدنا جميعا كل حسب رأيه وفكره لتقديم الخطة الازمة والطريقة الملائمة لإنجاح العملية"([2]).
  • إن المشاورات التي حدثت بين هؤلاء حول قدوم السفينة وكيفية انزالها واعداد العدة لها، لتبين النظرة الثاقبة التي يملكها العربي بن مهيدي ومبدأ التشاور الذي كان يسير به، وهي صفات القائد الحقيقي، لذلك كلف  أحد الذين يعتمد عليهم وهو السايح ميسوم (الحنصالي) بقيادة هذه المهمة الصعبة، خاصة وأن الأسلحة كانت ستأتي عبر البحر وتدخل إلى المغرب بالناظور ومن ثم تُنقل بواسطة الحمير نحو الجزائر، ومنه كان البحث عن مجموعة من العتالين الماهرين أمرا لابد منه، ولقد تمت الاستعانة بمجموعة من الشباب المنحدرين من مدينة الغزوات لتلك المهمة وقد يتساءل البعض عن سر ذلك؟
  • الغزوات مدينة ساحلية، وقريبة من الحدود المغربية، وأبنائها يجيدون السباحة، بالإضافة إلى أن غالبهم كما رأينا كان منخرطا في الحركة الوطنية أو التحق مبكرا بالثورة بفعل الوعي الكبير الذي كان يتميز به السكان فيها والمناطق المجاورة لها، أما عن الشباب الذين خيروا لتلك العملية فهم حوالي 17 أو 18 شخصا ومنهم: بكاي عبد الله، موفق موسى، مزوار بن علي، مزوار عبد القادر، بوجنان أحمد، حمدون عكاشة، مقدم أحمد، موفق عبد القادر، موفق أحمد، العيدوني عمر، العيدوني صالح، العيدوني مختار، العيدوني أحمد، السايح سليمان، بوكوير رمضان...الخ([3]).
  • ويضيف المجاهد الحاج بن علا حول العملية، بأنه قد جاءته رسالة من بوضياف تقول أنّ الزواج سيكون بتاريخ 26 مارس، وقد أرسل مناضلا إلى مدينة الغزوات ليأتيه ب 18 متطوعا من العتّالين المحترفين الذين سيقومون فيما بعد         من تفريغ اليخت الذي كان محملا ب 13 طنا من الأسلحة الخفيفة المختلفة على أكمل وجه بتاريخ 31مارس 1955 والذي استغرق الليل كله ([4])، وقد كان بموقع العملية  أيضا كل من: شيبان بن اعمر، وطالب عبد الوهاب([5])، وقديري حسين([6]) برفقة مناضلين مغاربة لإدارة الأمور ([7])، ويقول المجاهد أحمد مستغانمي في هذا الصدد: "قبل أن يأتي اليخت، جاءنا الأخ أحمد بن بلة إلى الناظور من أجل البحث  عن مكان ليرسو في اليخت، اقترحنا الجزائر لكن كان ذلك محالا لأن كلّ المراسي مراقبة، وقد اخترنا منطقة رأس الماء الواقعة بين السعيدية والناظور المغربية، وقد اشترينا قاربين لاستعمالهما في التفريغ من الناظور، جماعتنا كانوا قلة وقد استعنا بمناضلين مغاربة ساعدونا في انزال الأسلحة، وقمنا بإخفائها وابتعدنا من هناك([8]أما فيما يخص إدخالها إلى الجزائر كانت تأتي جماعة من الخميس  (بني سنوس) وبوحلو، وجماعة من ندرومة والغزوات، ونلتقي في منزل أحد الأشخاص اسمه السي عبد القادر، ومن شهر مارس  إلى غاية ماي 1955 ونحن نقوم بإدخال الأسلحة عبر شحنات، الأمور كانت صعبة، ويوم انتهينا من الشحنة الأخيرة نسي أحد المجاهدين قارورة الماء الخاصة به ومعها قنبلة يدوية، في ذلك اليوم انكشف أمرنا وقامت القوات الفرنسية بتفتيش منزل السي عبد القادر، وعذبته لكن لم يعترف وقال لهم ربما هي ملك للمهربين الذين يتاجرون في السلع والبضائع بين الجزائر والمغرب"([9]).
  • ويقول الراحل أحمد بن بلة حول المجاهدين الذين ساهموا في عملية إنزال أسلحة يخت دينا:"...كانوا مناضلين من مغنية وتلمسان اجتازوا الحدود قبل خمسة عشر يوما وظلوا ينامون على الأرض مشتتين عند سكان الريف الساحلي، كانوا يرتجفون من البرد، وكان الصندوق  مثبتا على الرقبة بيد واليد الأخرى ممسكة بالحبل، وكان كل واحد منهم يقطع في كل مرة 200 متر في هيجان بحري عنيف، لم يكن هناك قمر، وإذا تركوا الحبل فلن يبقى لهم للاهتداء إلى الضوء القليل المتقطع المنبعث من قنديل كهربائي، أصيب بعض المناضلين بجروح وفقد آخرون سلامة بعض أعضائهم، وقد أصيب بعضهم فيما بعد بذات الرئة، ولكن ما إن طلع الفجر حتى كان اليخت قد أفرغت شحناته والأسلحة قد دفنت في الأرض..."([10]).
  • وفيما يلي جدول الحمولة التي جاء بها هذا اليخت، والتي وقع على محضر استلامها أحمد بن بّلة بتاريخ 23 فيفري 1955 ([11]):

  • نوع السلاح
    الكمية
    الذخيرة
    الكمية
    بندقية 303
    204
    طلقة 303
    33000
    رشاش برن 303
    20
    خزان للبرن
    240
    بندقية رشاشة تومي 45
    68
    طلقة 303 للبرن
    1666500
    قنبلة يديوية ميلز
    356
    طلقة 45 للتومي
    136000
    كأس اطلاق
    34
    كبسولة
    4000
    علبة كبريت هواء
    50
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • وقد منح ثلث الحمولة إلى جيش التحرير المغربي تحت اشراف بن مهيدي وبوصوف، في حين أرسلت حصة المنطقة الخامسة مرورا بالمستودعات المبثوثة في منطقة الناظور (زلوان، زايلو) وذلك تحت حراسة الجنود وتحت المسؤولية المباشرة لمحمد العربي بن مهيدي، وبوضياف (سيدي علي)، وبوصوف (السي مبروك) والحاج بن علاّ، وقد جاء عبد الحفيظ بوصوف بعد ذلك بمحمد بخروبة، وأطلق عليه اسم الهواري بومدين كإسم حربي، ورافقه إلى مركز قيادة المنطقة بالناظور من أجل أن يعرّفه بمحمد العربي بن مهيدي ([12]).
  • إن اليخت الذي كان يقوده السوداني إبراهيم النيال، جاء على ظهره كل من: محمد خروبة (الهواري بومدين)، محمد الصالح العرفاوي ([13])، عبد القادر (من الحناية)، الشيخ السنوسي (أحمد موقاري)([14])، كما حمل اليخت دينا على ظهره أيضا المدعوروبير ([15])، عبد القادر شنوف، وهناك سوداني ويوغلاسلافي، والمغربي نذير بوزار.
  •      وقد نقل المجاهدون على ظهورهم حمولة اليخت الخاصة بالمنطقة الخامسة ووزعت بين الناحيتين الأولى والثانية، بعد أن أخذ المراكشيون ربع العدد في إطار الاستعداد للقيام بعمليات موحدة ضد فرنسا في الأقطار المغاربية الثلاث ([16])، وتسكت المصادر عن ذكر العربي بن مهيدي في عملية استقبال هذه الأسلحة بالمغرب، بينما تذكر بوصوف خاصة وأنه كان ينسق على المستوى السياسي مع بن علاّ بين المنطقتين الأولى والثانية([17]).
  • تم نقل الأسلحة عبر الحدود وأخذت كل منطقة حصتها وذلك تحت اشراف العربي بن مهيدي (المدعو آنذاك السي محمد)، وعبد الحفيظ بوصوف(السي مبروك)، والسايح ميسوم (المدعو الحنصالي)، بكاي بن عبد الله (المدعو السي بن أحمد)، وافتتحت بعد عملية التوزيع دورات تدريبية سريعة على طرق استخدام تلك الأسلحة من قبل بعض المختصين والمسؤولين وذلك ابتداءا من شهر أفريل 1955 وهي المرحلة التي يسميها محمد بعوش مرحلة "بناء القوة المسلحة"([18]).
  • ويضيف أحمد بن بلة قائلا عن دور تلك الأسلحة بقوله: "أتاحت الأسلحة التي وصلت على متن اليخت دينا من تكثيف العمليات الثورية في الجبال والمشاتي، والعمليات الفدائية في قلب مدن الغرب الجزائري(المنطقة الغربية)، حيث التعزيزات العسكرية الفرنسية المكثفة، والحضور القوي للمستوطنين الأوروبيين بالشكل والحجم الذي لا نجده في مناطق أخرى من الجزائر، ولعل هذه المعطيات هي التي جعلت قادة الثورة يقرّرون وقف أي عمل بالمنطقة الغربية لإنجاح خطة واستراتيجية الإمداد اللوجستيكي بالسلاح عبر الحدود الغربية دون لفت أنظار الاستعمار، وهي الخطة التي دبرها ونفذها الشهيد محمد العربي بن مهيدي المسؤول العسكري للمنطقة الخامسة مع نائبه عبد الحفيظ بوصوف وقيادة الثورة بالقاهرة بالتنسيق مع المرحوم بوضياف، ولأن العمليات التي شنها جيش التحرير الوطني بعد وصول الأسلحة     على متن اليخت دينا قد ألهبت المنطقة الغربية فإن ردود الفعل الاستعمارية كانت شرسة حتى أن الصحافة الفرنسية أطلقت على مسرح المعارك بمثلث الموت"([19]).



  •  ([1]) أنظر مثلا: الطاهر جبلي، شبكات الدعم اللوجستيكي للثورة التحريرية(1954-1962)، أطروحة دكتوراه في التاريخ المعاصر، قسم التاريخ، كلية الأداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان،2009، ص ص 134،133.(نسخة  pdf)
  • ) مذكرات بعوش محمد، المصدر السابق، ص76.[2] (
  • ([3]) تعد شهادة المجاهد الراحل من الشهادات التفصيلية للعملية للاستزادة أنظر: محمد بعوش، السنوات القاسية، المصدر السابق، ص ص78،77.
  •  ([4]) انظر للمزيد: شهادة الحاج بن علاّ، في محمد عباس، المصدر السابق، ص ص 58،57
  • ([5]) طالب عبد الوهاب: ينحدر من قرية أولاد علي بالسواحلية(الغزوات)، ولد سنة 1921، انخرط في حزب الشعب ثم حركة الانتصار سنة 1946 في مدينة الغزوات، عين مسؤولا للاتصال وعضوا في قسمة الغزوات، كما كلف من طرف بن مهيدي بمهمة السفر إلى الريف من أجل تسليح الثورة كما رأينا سابقا، عين مسؤولا للقطاع الصحي للقاعدة الخلفية بالمغرب أواخر الخمسينيات. أنظر للاستزادة عنه: محمد بعوش، المصدر السابق، ص53 (انظر صورته  في الملاحق).
  •  ([6]) قديري حسين: ينحدر من منطقة الخميس ببني سنوس(دائرة تابعة لولاية تلمسان) من مواليد 02ماي1919، ابن محمد ولد بلعيد وعائشة بنت بوصوار، ناضل في حزب الشعب وحركة الانتصار وكان أحد أعمدتها بمنطقة مغنية وضواحيها،  نشط بالمنظمة الخاصة مع أحمد بن بلة وعدد كبير من مناضلي الغرب، ألقي عليه القبض سنة 1950 لما اكتشفت المنظمة الخاصة، أطلق سراحه عام 1954، كانت له علاقات مع سابق ولد حامد، ووبوعزة ميمون وغيرهم من المناضلين القدامى، أحد مفجري الثورة في الغرب الجزائري، صنفته احدى مذكرات البحث بالشخص الجد خطير ورقم ملفه هو 4.134، هو أحد أهم أعمدة الثورة الجزائرية ، كانت له شبكة علاقات واسعة استخدمها لتسليح الثورة، كان بيته أحد المراكز التي يجتمع فيها القادة ببني سنوس، عين سنة 1956 في المجلس الوطني للثورة بعد مؤتمر الصومام، أحد رفاق عبد الحفيظ بوصوف، تقلد مناصب في الحكومة الجزائرية المؤقتة، اعتزل السياسة بعد تاريخ 19 جوان 1965، منح وسام الأثير من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 1999، توفي في 5 ديسمبر 1995 بوهران. للأسف الشديد لم تخصص عنه دراسات مستقلة بالرغم من حجم نضاله الكبير.  للاستزادة عنه نشير إلى أننا تطرقنا كثيرا لحياته ونشاطه في هذا العمل من خلال الوثائق الأرشيفية والشهادات الحية التي سجلت نضاله رحمه الله.
  • ) بعوش محمد، المصدر السابق، ص77.[7] (
  •  ([8]) شهادة حية مرئية للمجاهد أحمد مستغانمي (السي رشيد)، مع التلفزيون الوطني العمومي الجزائري، (د.ت).
  • ) نفس المصدر السابق.[9] (
  • ) مذكرات أحمد بن بلة، المصدر السابق، ص101.[10] (
  • ) مراد صديقي، الثورة الجزائرية(التسليح)، المصدر السابق، ص31.[11] (
  • ([12]) الشريف عبد الدايم، المرجع السابق، ص76.
  •  ([13]) ينحدر من قالمة والمدعو بوسيف والذي أعدم هو الاخر في أكتوبر 1956، لأنه رفض الموافقة على إعدام المختار عقب الليل، وكان أحد أقارب الهواري بومدين. شهادة المجاهد بن أحمد الطيب، المصدر السابق.
  • ([14])الشيخ السنوسي( أحمد موقاري): علي موقاري الملقب بالسي الصديق والسي الجيلالي، ولد بتاريخ 09 أوت 1910 بدشرة تلاوغانيم، دوار بني خلفون والتابع حاليا لدائرة القادرية بولاية البويرة، كان والده فقيها مدرسا للقرآن الكريم، هو كان شابا يافعا نشطا بالمنطقة حتى عينوه  في مجلس شيوخ العرش جند اجباريا عام 1932، ثم عام 1939، شارك في الحرب العالمية الثانية، تشبع بالروح الوطنية هنالك، انخرط في حركة أحباب البيان والحرية، شكل عدة خلايا، استطاع تصفية أحد الخونة، وفر الى الجبال بسلاحه مبكرا الى الجبل عام 1947 مع كريم بلقاسم وعمر أوعمران وسمتهم فرنسا بالخارجين عن القانون، بعد أربع سنوات طلب من اللجنة المركزية لحركة= =الانتصار السماح له بالنشاط فتم رفضه. لما سمع بخبر سعي الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي لتشكيل جيش لتحرير المغرب العربي في القاهرة سافر الى مصر مشيا على الاقدام ووصلها عام 1952، فكان يساعد الطلبة الشباب هناك في القاهرة بالرغم من فقره، لأنه كان يعمل مساعد بنّاء، التحق بالأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، فأدخله الى معسكر تدريبي فتخرج الأول       في دفعته تخصص متفجرات، لما قدم أحمد بن بلة فارا من السجن بالجزائر ودخل مصر، وعقب التحضيرات لتفجير الثورة، والبحث عن السلاح، التقى بن بلة بعلي موقاري وطلب منه أن يبحث له عن جزائريين لتدريبهم وارسالهم في سفينة محملة بالسلاح الى الجزائر بتاريخ 10 نوفمبر 1954 أي بعد عشرة ايام من اندلاع الثورة؛ سلّم علي موقاري قائمة تحوي سبعة جزائريين للقيام بالمهمة، منهم الطالب محمد بوخروبة (الهواري بومدين)، وبالفعل جاء بومدين ومعه الشيخ علي السنوسي على متن يخت دينا في مارس 1955؛ حافظت قيادة جيش التحرير على الشيخ      علي موقاري وحرصت عليه لأنه كان يقوم بتدريب عناصر الجيش على صنع المتفجرات ووضعها وتفكيكها، واخترع  قنبلة سماها "الفرتاكة"، وسمي هناك بالسنوسي باسم ولي صالح في الزوّية ببني بوسعيد الحدودية حيث كان مستقرا هناك، كانت له صداقة مع الشيخ سابق محند ولد حامد      و الشيخ بوعزة ميمون، ونشط في المنطقة الحدودية وتنقل كثير بين المنطقة الاولى والثانية من الولاية الخامسة وهو في عمر الخمسينيات، له أحد الأبناء اسمه محمد سقط شهيدا رحمه الله، رجع الى مسقط رأسه بعد الاستقلال برتبة نقيب، تقاعد عام 1978،توفي رحمه الله عام 1999. أنجزنا هذا الملخص من خلال بعض الوثائق التي قدمها لنا ابنه موقاري أبوبكر (أنظر صورة المجاهد الراحل في ملحق الصور).
  •  ([15]) جزائري متفرنس، نشأ بالمغرب وتقلد منصب إدارية بعد أن تخرج من الجيش الفرنسي كضابط احتياط.
  • ) شهادة الحاج بن علا، المصدر السابق، ص58.[16] (
  • ) نفسه، ص57.[17] (
  • ([18]) محمد بعوش، المصدر السابق، ص ص80،79. لعب الهواري بومدين دورا كبيرا في تدريبات الجنود في هذه الفترة بصبرة وبني هديل(تلمسان)، بحكم التجربة التي خاضها في مصر.
  • ([19]) مقدمة أحمد بن بلة في كتيب: بلحسن بالي، ملحمة اليخت دينا، القصة الكاملة لواحدة من عمليات إمداد ثورة التحرير بالسلاح، ترجمة ومراجعة: الدكتور عبد المجيد بوجلة، منشورات ثالة، الجزائر، 2013، ص ص 13،12.

  • فصل من كتاب د. بن عبد المومن ابراهيم، محمد العربي قائد المنطقة التاريخية الخامسة( وثائق أرشيفية -شهادات حية - حقائق جديدة)، دار عطا الله للنشر والتوزيع، 2019، ص ص 185- 195.



رابط الترشح لمسابقة الدكتوراه 2024-2025

رابط الترشح لمسابقة الدكتوراه 2024-2025  أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اليوم المنصة الخاصة بالتسجيل لمسابقات الدكتوراه للسنة الجا...