‏إظهار الرسائل ذات التسميات محاضرات الحركة الوطنية الجزائرية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات محاضرات الحركة الوطنية الجزائرية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 2 فبراير 2022

 محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية 

المحاضرة 07



تأسيس جبهة وجيش التحرير الوطني 1954

تأسيس اللجنة الثورية للوحدة والعمل(C.R.U.A)  23 مارس 1954

على إثر الصراع القائم بين الطرفين المتصارعين في حركة الانتصار ، ظهرت مجموعة من الشباب تحمل أفكار مخالفة تماما لرؤى الطرفين، وقررت تجاوز ذلك الصراع الذي كاد أن يعصف برصيد نضالي عمره قرابة ثلاثين سنة بدءا من تأسيس نجم شمال افريقيا عام 1926.
أسس الطرف الثالث المكون من هؤلاء الشباب بالتعاون مع أعضاء من اللجنة المركزية للحزب، اللجنة الثورية للوحدة والعمل في 23 مارس 1954، وقد ترأسها محمد بوضياف.
2- مبادئ وأهداف اللجنة الثورية للوحدة والعمل:
كانت للّجنة  نشرة داخلية  سرية تسمى «الوطني-le patriote» ، تنشر فيها مبادئ وأسس الحركة صدر منها ثلاثة أعداد وكانت تباع بمقر الكشافة الإسلامية الجزائرية.
حددت اللجنة الثورية للوحدة والعمل أهدافها لعل أبرزها تتمثل في:
1- اصلاح الحزب ودفعه بقوة الى العمل الثوري الجاد.
2-اصلاح الحزب ووحدة قيادته.
3- التوضيح للقاعدة حقيقة الصراع ومطالبتها الوقوف على حياد.
4- جعل اللجنة الثورية للوحدة والعمل نواة ثورية.
5- عقد مؤتمر تحضره كل الأطراف بما فيها القاعدة وتكوين لجنة لتعمل من أجل التحضير للثورة.

- اجتماع مجموعة الاثنين والعشرين 22

بعد فشل اللجنة الثورية في تحقيق الوحدة بين الطرفين المتصارعين ،وأمام تطور الأحداث داخليا وخارجيا، عزم مؤسسوها للمضي قدما نحو العمل المسلح ، وفي هذا الصدد عقد اجتماع عقد اجتماع بمنزل المناضل إلياس دريش بالجزائر العاصمة في 23 جوان 1954 ، أطلق عليه    في أدبيات التاريخ فيما بعد اجتماع ال 22 وحضر فيه: مصطفى بن بولعيد، العربي بن مهيدي، لخضر بن طوبال، رابح بيطاط، الزبير بوعجاج، سليمان بوعلي، بلحاج بوشعيب، محمد بوضياف، عبد الحفيظ بوصوف، ديدوش مراد، باجي مختار، عثمان بلوزداد، بن عبد المالك رمضان، مصطفى بن عودة، ، عبد السلام حبشي، عبد القادر العمودي، محمد مشاطي، سليمان ملاح، محمد مرزوقي، بو جمعة سويداني، زيغود يوسف.
ترأس الاجتماع مصطفى بن بولعيد، وكان محمد بوضياف مقررا، واشتمل جدول الأعمال على ما يلي:
1- إعطاء لمحة تاريخية على نشاطات المنظمة الخاصة.
2- حصيلة القمع والتنديد بالسلوك الانهزامي لقيادة الحزب.
3- عرض عن الاعمال والنشاطات التي قامت بها المنظمة  الخاصة في الفترة مابين 1950-1954
4- أزمة الحزب وأسبابها العميقة.
5-شرح موقف الجناح الثوري لدى اللجنة الثورية للوحدة والعمل فيما يخص الأزمة بين المصاليين والمركزيين.
6- عرض حول وضعية اندلاع الثورة التحريرية في كل من تونس والمغرب.
7- تقرير ما يجب القيم به مستقبلا.
لجنة  الخمسة- لجنة الستة - لجنة التسعة
وقع نقاش  في الاجتماع حول طرحين: التنظيم ثم التفجير، أو التفجير ثم التنظيم، وقد اختير الطرح الثاني بتأثير من سويداني بوجمعة.
تم انتخاب محمد بوضياف مسؤولا وطنيا، ليعين بدوره فيما بعد لجنة تكون بمثابة النواة الأولى للتنظيم العسكري، وقد عين بدوره في اليوم الموالي كل من: مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، رابح بيطاط، وقد انضم اليهم كريم بلقاسم ممثل منطقة القبائل وتسمى هذه المجموعة لجنة الستة.
كان أحمد بن بلة وحسين آيت أحمد ومحمد خيضر   في القاهرة على اتصالات مع المنسق الوطني محمد بوضياف، لذلك أصبحت لجنة الستة لجنة التسعة، باحتساب الثلاثة الذين سيصبحون يمثلون الوفد الخارجي للثورة.

- تأسيس جبهة وجيش التحرير الوطني:

كان الانشغال المطروح على القيادة هو إيجاد واجهة سياسية لتغطية العمل العسكري والتمثيل، فبالرغم من أعضاء لجنة التسعة لديهم  ميولهم الثورية منذ عهد المنظمة الخاصة، إلا أنهم غير معروفين وطنيا، ومجهولون لدى الرأي العام الجزائري، وقد اتصلت القيادة بالسيد الأمين دباغين كونه شخصية معروفة في الحزب ولدى الرأي العام إلا أنه لم يبد استعدادا لتلك التجربة.
عقدت اجتماعات كثيرة طيلة صائفة وخريف 1954 من أجل رسم الخطوط العريضة المتعلقة بمسار الثورة المسلحة التي ستندلع، وخاصة قضية التسليح، وفي آخر اجتماع بتاريخ     23 أكتوبر 1954 تم اطلاق جبهة التحرير الوطني FLN  وجيش التحرير الوطني ALN  على التنظيم الجديد الذي سيعلن اندلاع الثورة التحريرية ضد فرنسا.

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية : المحاضرة 05

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية : المحاضرة 05



المنظمة الخاصة 1947-1950

فكرة العمل المسلح في الحركة الوطنية الجزائرية:

تعود فكرة العمل المسلح في الحركة الوطنية الجزائرية إلى الحرب العالمية الثانية حيث فكر أعضاء من حزب الشعب تكوين فرق والتعاون مع الألمان لطرد فرنسا من المجازر.فقد تأسست «لجنة العمل الثوري لشمال إفريقيا » CARNA لهذا الغرض وسعت لتنسيق العمليات في كامل الشمال الافريقي بالتعاون مع ألمانيا النازية. ..لم تسنح بذلك الأمور لقوة الدعاية الفرنسية المضادة، وقد راح القائد الكشفي محمد بوراس ضحية ذلك حيث أعدم سنة 1941.
بعد المجازر الرهيبة التي راح ضحيتها آلاف الجزائريين في ماي 1945 برزت مجموعة شبانيّة في التيار الاستقلالي تؤمن بالعمل المسلح بديلا من أجل تحقيق المطالب الجزائرية المشروعة، وقد سعت من أجل ذلك.

انشاء المنظمة الخاصة:

انعقد المؤتمر الأول لحركة انتصار الحريات الديموقراطية يومي 14 و 15 فيفري 1947 بالعاصمة وتمت في المؤتمر الموافقة على إبقاء نشاط حزب الشعب الجزائري سرا والعمل تحت غطاء حركة الانتصار كما تمت الموافقة في المؤتمر على إنشاء تنظيم شبه عسكري أطلق عليه اسم المنظمة الخاصة وكانت المساعي  لعدم تكرار خطأ سنة 1945 حيث لم يكن للحزب جهاز عسكري في الوقت الذي كان يريد فيه المرور إلى العمل المسلح عبر التراب الوطني.
تم تعيين المناضل محمد بلوزداد مسؤولا عن هذا التنظيم كما تم تقسيم المناطق، وتعيين مسؤوليها، وطرق العمل، والاهداف المرجوة  من ذلك وباشر بلوزداد عمله في تأسيس المنظمة حسب مجموعة شروط:
الفصل التام بين المنظمة الخاصة و التنظيمات الأخرى التابعة للحزب.
اختيار أحسن المناضلين في الحزب لتجنيدهم في المنظمة ولا يكون ذلك إلا بعد المرور بامتحانات صعبة.
القسم على المصحف الشريف ، والتعهد على خدمة المنظمة  و القضية التي يقدم المناضل حياته من أجلها.

3- أهداف المنظمة الخاصة:

سعت المنظمة الخاصة من خلال انشائها إلى عدة أهداف منها:

الإعداد للثورة التي سيتم إعلانها من خلال التنظيم السياسي لحزب الشعب الجزائري .
جمع وتخزين وتوزيع الأسلحة على المنخرطين في المنظمة الخاصة.
التكوين العسكري والتدريب للمنخرطين على مختلف الأسلحة والمتفجرات.
الاهتمام بالاستعلامات عن العدو الفرنسي، و الاطلاع على تنظيماته و تحركات وأهم أجهزته العسكرية و البوليسية و الإدارية. 
غرس الرّوح الوطنية والجهادية بين أوساط المناضلين استعدادا ليوم الحسم.

هياكل المنظمة الخاصة:

شكلت المنظمة الخاصة من هيكل هرمي فيه يتشكل مما يلي هيئة أركان تتكون من:
رئيس المنظمة: محمد بلوزداد : كان دوره القيام بعملية التنسيق بين  مختلف الهيئات  إلى جانب ضبط  الاتصال مع المكتب السياسي لحزب الشعب الجزائري  .
رئيس هيئة الأركان (المسؤول السياسي): حسين آيت أحمد
المدرب العسكري: بلحاج الجيلالي عبد القادر
مسؤول عمالة قسنطينة: و تضم ناحيتين شمال قسنطينة   و الجنوب الشرقي أي الأوراس و بسكرة :محمد بوضياف.
مسؤول عمالة الجزائر وضواحيها ( الجزائر الأولى): جيلالي رقيمي 
مسؤول منطقة الشلف والظهرة(الجزائر الثانية): محمد مروك.
مسؤول عمالة وهران: أحمد بن بلة
مسؤول منطقة القبائل: عمار ولد حمودة.
مسؤول شبكات الاستعلامات والاتصالات: امحمد يوسفي.
كان الاتصال بين المنظمة والمكتب السياسي لحركة الانتصار يتم عن طريق وسيط يسمى المندوب الخاص وهو المناضل حسين لحول.                                                                                                                    
انضم إلى هؤلاء مجموعة من الشبان : كمصطفى بن بولعيد،  والعربي بن مهيدي، ورابح بيطاط، أحمد بوشعيب وعديد القادة والمناضلين الذين يشرفون على الخلايا عبر التراب الوطني.

شروط الانضمام الى المنظمة الخاصة:

الاقتناع التام بالكفاح المسلح والالتزام بالسرية و الشجاعة و الصبر والاستعداد لكل الطوارئ .
الفطنة و قوة الذاكرة فضلا عن القدرة الجسدية كشرط أساس لاحتمال التعب و الجوع و النوم لساعات ليلة
مراعاة الأقدمية في الحزب ، و عدم معرفة رجالها من قبل الشرطة الفرنسية .
اخضاع المجند لامتحانات صعبة من أجل قبلوه النهائي بحيث يقسم بالله و على المصحف الشريف على أن يحفظ السر و أن لا يخون النظام و على أن يواصل العمل ضمن صفوف المنظمة و لا ينسحب منها متى شاء و كيفما أراد ، أي أن مدة التجنيد لم تكن محددة .

التنظيم الهرمي للمنظمة الخاصة:

اتبعت المنظمة الخاصة الطريقة الهرمية التقليدية في تشكيل الخلايا فالقائد يعرف ثلاثة رجال وكل واحد منهم يدرب ثلاثة رجال في قسم ، و هكذا تتكون ثلاثة أقسام . 
كل قسم لا يعرف القسم الثاني و لا القسم الثالث و لا حتى القائد الأعلى و لا بقية القيادات التي تتصل به بصورة مباشرة.
المراتب التي يمر بها المنخرطون في المنظمة : متصل به - مناسب - معني به ويتلقى تكوينا خاصا - صديق- محب متصدق - محب منظم - منخرط-   مناضل
كان المناضلون العمليون أي المجندون في المنظمة الخاصة موزعين على مجموع التراب الوطني، و تركيبتهم الهيكلية تبدأ من : 
نصف الفوج : و يتكون من مناضلين (2) أو ثلاث (3) يرأسهم مسؤول .
الفوج : و يتكون من أربعة (4) مناضلين يرأسهم مسؤول أي خمسة (5) أفراد .
الفرقة : و تتكون من ثلاثة (3) أفواج و مسؤول ، و تساوي (16) فردا .
الفصيلة : و تتكون من (3) فرق و مسؤول ، و تساوي (49) فردا .
و للمنظمة مصلحة عامة و مقسمة إلى عدة شبكات مثل :
شبكة الاشتراك أو التواطؤ "complicité" .
شبكة الصناع "les artificiers«
شبكة الاتصالات "réseau de communication"  
قسم الفداء و مهمته قيام بالعمليات الفدائية .
أما الخلايا فكانت على شكل هرمي أيضا ـ سواء من حيث الدرجة أو نظام هيكلة الأعضاء:
1- خلايا اختيار المحبين : التي تضم المنظمين .

  2- خلايا الدعاية : التي تضم المنخرطين           

 3- خلايا العمل : التي تضم المناضلين .

التكوين الديني والتاريخي للمناضلين في المنظمة:

بعد مرور حوالي سنة استطاعت المنظمة الخاصة من هيكلة قواعدها النظامية عبر التراب الجزائري  و وصل عدد أفرادها إلى حوالي 1500 مجند يعملون في نظام محكم و في سرية كاملة و تدريب مستمر وتم التركيز على التكوين العقائدي (الديني) للمجندين حيث ارتكز على الإسلام و التاريخ فما كان محرما دينيا كان ممنوعا في المنظمة الخاصة. كما تم تقديم دروس و محاضرات مع تسليط الضوء على سيرة الرسول (صلى الله عليه و سلم ) و مراحل نشر الدعوى المحمدية لأخذ العبرة والتطرق للمراحل التاريخية للجزائر منذ ما قبل الاحتلال و خاصة تاريخ المقاومة الشعبية المسلحة كالأمير عبد القادر وأحمد باي والشيخ بوعمامة...الخ.

التكوين العسكري للمناضلين في المنظمة:

كان المناضلون يتلقون دروسا نظرية و تطبيقية من قبل المدربين كما نظمت هيئة الأركان دورة تدريبية أولى نهاية جانفي عام 1948 حيث  تمحورت محاضراتها حول الحركات الثورية في ايرلندا و الاتحاد السوفياتي .نظمت الدورة الثانية في شهر أوت 1948 في جبال الظهرة ، وأشرف على التدريب المجندون السابقون بالجيش الفرنسي في الحرب العالمية الثانية  أو باقي الحروب التي كان تخوضها فرنسا وقد ركزت التدريبات على  حمل السلاح من حيث تركيبه و طريقة استعماله ، و تركيب المتفجرات ، واستعمال الراديو من حيث الإرسال  و الاستقبال وكانت التدريبات تتعلق بحرب العصابات والقيام بعمليات تدريبية في  الجبال و الغابات بهدف معرفة المناطق التي ستكون ميدانا للمعارك .

تموين المنظمة الخاصة بالأموال والسلاح:

اعتبرت عملية البحث عن السلاح من أكبر المهام و أخطرها ، و قد عملت المنظمة الخاصة على جمع الأسلحة التي خلفتها الحرب العالمية الثانية خاصة منها الذخيرة الأمريكية بعد نزول قوات الحلفاء في شمال إفريقيا سنة 1942  وقام أعضاء المنظمة بعملية البحث عن الأسلحة أو شراءها سواء داخل الوطن أو خارجه عبر الحدود الليبية و التونسية  و المغربية وكانت تتم عملية تخزين الأسلحة في أماكن سرية وآمنة في شرق البلاد وغربها.

الهجوم على مركز بريد وهران أفريل 1949:

بعد تفويض من الحزب إثر اجتماع اللجنة المركزية في شهر ديسمبر 1948 ، تم مهاجمة مركز بريد وهران ليلة 05 أفريل 1949 من طرف: أحمد بن بلة، حسين آيت أحمد، وحمو بوتليليس، وبلحاج بوشعيب، والحاج بن علّة، وسويداني‮ بوجمعة، وبختي‮ نميش، وبن زرقة محمد.‬ وتم الحصول على مبلغ قدره 3070000 دج فرنك وقد تمت به عملية شراء حوالي 700 قطعة سلاح من ليبيا في تلك الفترةوقامت المنظمة الخاصة بعدة علميات أخرى مثل تحمل مسؤولية الفارين من الإدارة الاستعمارية كمقاومي القبائل الذين ظلوا في الأدغال بين 1945-1948 في ظروف مزرية بعيدا عن قراهم يتحملون قساوة العيش و قد بلغ عددهم حوالي 50 مناضلا .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

اكتشاف المنظمة الخاصة مارس 1950:

  • الرواية الأولى: عن طريق حادثة بريد وهران ، و من هنا بدأت متابعة مخابرات الفرنسية للمنظمة حتى اكتشافها يوم 18 مارس 1950 .
  •  الرواية الثانية : مفادها أن السلطات الفرنسية علمت بوجود تنظيم مسلح عندما اعتقلت 3 طلاب من بينهم محمد يزيد الذي ضبط و هو يحمل وثائق عن الجيش السري و كان ذلك في شهر ماي 1949 .
  • الرواية الثالثة : تقم على فرضية أن الجناح السياسي لح.إ.ح.د هو الذي أوعز إلى سلطات الاحتلال بالتخلص من المنظمة ،خاصة وأن كثيرين كانوا معارضين لها و كانت القيادة آنذاك ترفض العمل المسلح فازداد خوفها بعد العمليات التي قامت بها المنظمة. 
  • الرواية الرابعة : و يطلق عليها حادثة تبسة ، يتفق حولها الكثير من المؤرخين و المناضلين  حيث أن اكتشاف لمنظمة الخاصة في مارس 1950 إثر عملية تبسة و هي عملية نفذت بأمر من قيادة المنظمة على مستوى قسنطينة و المتمثلة في الثلاثي : محمد بوضياف ، و محمد العربي بن مهيدي ، و مراد ديدوش " ، وذلك جراء عملية التأديبية قام بها مسؤولو المنظمة ضد أحد أعضائها و هو " عبد القادر خياري " المدعو «رحيم» من مدينة تبسة، وقد فرمن المجموعة وقام بتبليغ الشرطة، وبعدها  بدأت سلسلة اعتقالات واسعة من تبسة إلى سوق اهراس و عنابة وعمت كل الجزائر تقريبا إلا بعض الخلايا التي لم تستطع اختراقها المخابرات الفرنسية.

-موقف فرنسا من اكتشاف المنظمة الخاصة:

تم الإعلان عن تفكيك المنظمة من طرف فرنسا، وشرعت عملايت التعذيب والاستنطاق في حق المواطنين ،وقد تم  القبض على المئات من المناضلين أو ما يقارب (400) مناضل منهم القياديين في المنظمة و أعضاء هيئة الأركان، وألقي القبض على أحمد بن بلة قائد المنظمة في هذه الفترة،  و جيلالي رقيمي قائد تنظيم العاصمة ، و عمار ولد حمودة من منطقة القبائل ،و بلحاج جيلالي مدرب وطني ، و حمو بوتليليس قائد المنطقة الوهرانية ، و أحمد مهساس قائد سابق منطقة الجزائر الجنوبية و أعضاء من المصلحة العامة منهم محمد يوسفي مسؤول عن شبكة التواطؤ  و محمد اعراب قائد مصلحة العباقرة . 

- مصير مناضلي المنظمة الخاصة بعد تفكيكها:

صدرت في أعضاء المنظمة احكام مختلفة من أعمال شاقة و السجن المؤبد منهم أحمد بن بلة و محمد خيضر و حسين آيت احمد و بوجمعة سويداني و غيرهم ولاذ الكثير من الأعضاء  بالفرار رغم معارضة زعماءهم إلى خارج الوطن و خاصة نحو القاهرة و فرنسا مثل أحمد بن بلة و محمد خيضر و حسين آيت احمد و مصطفى بن عودة ، و محمد بوضياف و مراد ديدوش / تخفى عديد من القادة والمناضلين داخل الجزائر إلى غاية اندلاع الثورة منهم مثل بن عبد المالك رمضان ومشاطي وبن مهيدي وبوصوف عبد الحفيظ في منطقة وهران الخ ونشير إلى أنه كثرا من الخلايا في منطقة الأوراس و القبائل والعاصمة لم يتم اكتشافها تلك الفترة.

موقف الحزب(حركة الانتصار للحريات الديموقراطية) من اكتشاف المنظمة:

بعد مرور المنظمة الخاصة بهذه الظروف القاسية اتخذت قيادة ح.إ.ح.د قرارا لا يقل خطورة عن اكتشاف المنظمة الخاصة ذاتها و هو إجراء الحل للفروع التي لم تكتشفها المخابرات الفرنسية في منطقة الأوراس و القبائل و العاصمة رغم مطالبة مسؤوليها بالإبقاء على وجودها و لو كانت ذلك بشكل رمزي .
بعد هذا القرار ابتعدت القيادة الحزبية أكثر عن الأهداف الثورية التي سطرتها منذ البداية و هذا ما جعل أعضاء المنظمة الخاصة يفكرون في اتخاذ موقف مستقل نهائيا عن المنظمة السياسية ، و كانت بداية الانفصال بداية صعبة لأنهم أصبحوا يعيشون عزلة تامة عن كل الأطراف .
واصلت بعض المناطق نشاطها العسكري مثل الأوراس إذ رفض بن بولعيد قرار الحزب ، و من الأعمال التي قامت بها هذه المنطقة احتضان مجموعة من إطارات المنظمة الخاصة من بينهم : الأخضر بن طوبال ، سي المكي بن طرشة ، و رابح بيطاط ، عبد السلام حبشي فضلا عن وجود مجموعة أخرى من القبائل الكبرى ، كما التحق بها الفارون من سجن عنابة مثل مصطفى بن عودة ، و يوسف زيغود ، و سليمان بركات .


يتبع في المحاضرة 06

على نفس المدونة

لاتنسوا الاشتراك في المدونة

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية : المحاضرة 04

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية : المحاضرة 04

الجزائر بعد الحرب العالمية الثانية(إعادة بناء الحركة الوطنية)






تطورات ما بعد الحرب العالمية الثانية 1946:

بعد المجازر الدموية التي ارتكبت في حق الجزائريين بدأت مرحلة جديدة وقعت فيها تحولات جديدة على المستوى المحلي والعالمي نذكر منها:الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي ومحاولة التموقع العالمي الجديد بين القوى الكبرى وتأسيس الجامعة العربية 22 مارس 1945 التي تعطي دفعا للقضية الجزائرية وكذا تأسيس الأمم المتحدة في 24 أكتوبر 1945 التي ستناقش أوضاع المستعمرات واصدار السلطات الفرنسية يوم 11 أوت 1945 قانونا يمنح الجزائريين حق التمثيل في البرلمان الفرنسي على قدم المساواة مع الفرنسيين.
أوصت حركة أحباب البيان و الحرية وحزب الشعب الجزائري بمقاطعة انتخابات الجمعية التأسيسية الفرنسية الأولى المقرر إجراؤها في شهر أكتوبر 1945.

إعادة بناء الحركة الوطنية الجزائرية:

تم اصدار العفو العام الشامل على الزعماء السياسيين الجزائريين من طرف فرنسا في 16 مارس 1946، وبعد إطلاق سراح الزعماء السياسيين استفادت الحركة الوطنية الجزائرية من تجارب الماضي، وحرصت على خوض غمار السياسة بقوة وحذر أكثر. تم أسس الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري بزعامة فرحات عباس في أفريل 1946 في مكان حركة أحباب البيان والحرية.
أسست حركة الانتصار للحريات الديموقراطية في أكتوبر 1946  كغطاء لحزب الشعب المنحل بزعامة مصالي الحاج الخارج من السجن بتاريخ 11 أوت 1946،كما أعادت جمعية العلماء المسلمين تجديد هياكلها وتفعيل نشاطها تحت رئاسة الشيخ البشير الابراهيمي العائد من منفاه بآفلو(الأغواط).

3- نشاط حركة انتصار الحريات الديموقراطية في الداخل:

أيد الحزب قيام جمعية تأسيسية جزائرية ذات سيادة منتخبة على أساس الاقتراع العام دون تمييز وطالب مصالي الحاج بجلاء الجيوش الفرنسية عن الجزائر كما  طالب بإعادة أراضي الجزائريين، وتعريب التعليم وعودة المساجد إلى نشاطها الديني المعتاد وقرر الحزب  الاشتراك في انتخابات 10 نوفمبر 1946 من أجل اختبار فكرة استقلال الجزائر عن فرنسا وعليه عقد الحزب اجتماعا يوم 15 فيفري 1947 بالجزائر العاصمة درس فيه الأوضاع الجارية وخرج بمجموعة من القرارات منها:
مواصلة النشاط السري الذي سار عليه حزب الشعب سابقا  - ممارسة النشاط العلني والشرعي عن طرق حركة الانتصار  – انشاء جناح شبه عسكري للحزب سيعرف بالمنظمة الخاصة - نشاط حركة الانتصار في الخارج وي عام 1947 شارك الحزب في الانتخابات البلدية حيث فاز في 110 بلدية تقريبا، كما أسس عدة جرائد منها جريدة «الجزائر الحرة».وقد حوّل الحزب بعد الحرب العالمية الثانية نشاطه كثيرا نحو المشرق العربي، وأسس فرعا له بمكتب تحرير المغرب العربي بالقاهرة بقيادة المناضل الشاذلي المكي وأحمد مزغنة.
سعى المكتب للتنسيق بين قادة الحركات الوطنية المغاربية في مصر  كالحبيب بورقيبة(تونس) وعلال الفاسي والمقاوم محمد بن عبد الكريم الخطابي(المغرب) من أجل نشاط مغاربي مشترك كما سعت فروع حركة الانتصار في الخارج  لإيصال صوت الجزائر في عموم البلدان العربية والاجنبية عن طريق الكتابة في الصحف والمجلات واجراء المقابلات مع الجرائد وكذا تقديم العراض إلى مجلس الجامعة العربية.

5- الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري:

وجه فرحات عباس نداءه المشهور بتاريخ 1 ماي 1946 بمناسبة مرور سنة على مجازر ماي بعنوان: "التصدي للجريمة الإستعمارية ولتعسف الإدارة- نداء إلى الشباب الجزائري الفرنسي و المسلم» من أهم ما جاء فيه من نقاط:
فرحات عباس يدافع عن شخصه، في محاولة لتبرئة نفسه من مجازر 8ماي الاجرامية بإستحضار خلاصة لأهم ما قدم من خدمات، في غضون عشر سنوات من انتخابه كعضو في المجالس البلدية والعامة - يتأسف على انهيار سياسة الوحدة بين أحباب البيان و"حزب الشعب"، وتأكيد على بقاء نفس المبادئ والأسس التي صيغت في البيان.
ضرورة تخلي الفرنسيين عن أفكار الزعامة والمفاهيم الإستعمارية القديمة، ووجوب تجاوز الجزائريين الخلافات الأصولية الدينية والعصبية القبلية لبناء حضارة - ايمان فرحات عباس بعمل ديموقراطي مستقبلي جديد بين جزائر جديدة في اطار اتحاد فدرالي بحرية مع فرنسا جديدة أيضا.
قرر حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الاشتراك في انتخابات الجمعية التأسيسية الفرنسية الثانية يوم 02جوان 1946 وحقق فيها نجاحا باهرا فحصل على 11 مقعدا من 13 مقعد مخصصة للجزائريين وعرفت هذه الانتخابات في الجزائر تأييدا شعبيا كبيرا، وقد صاغ فرحات عباس مشروع دستور جديد يقترح فيه  تأسيس جمهورية جزائرية من أهم ما جاء فيه: 
إقامة جمهورية جزائرية مستقلة استقلالا ذاتيا لها حكومتها الخاصة وعلمها الخاص تعترف بها الجمهورية الفرنسية.
عرض فرحات عباس هذا المشروع على مكتب المجلس الوطني الفرنسي، ولكن الجمعية التأسيسية الفرنسية الثانية لم تدرسه وأجل إلى وقت لاحق، وفي أكتوبر 1947 صادق الشعب الفرنسي على دستور الجمهورية الرابعة الذي نص على أن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا ، فكان ذلك خيبة أمل أخرى تمنى بها أطياف الحركة الوطنية الجزائرية

6- جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:

بعد نهاية الحرب عادت الجمعية الى النشاط بشكل علني وقدمت في 15 أوت 1945 مذكرة إلى الحكومة الفرنسية من أهم ما جاء فيها:
- تحقيق حرية التعليم في المدارس و المساجد الحرة  - فصل الدين عن الدولة وإعادة الأوقاف إلى المساجد. - تحقيق القضاء الإسلامي واصلاحه.
تعرضت الجمعية للمضايقات هي الأخرى في مجازر ماي 1945، وحاولت ان تبقى محايدة قدر المستطاع لكي لا تحل مجددا  لكن تقوى نشاطها كثيرا بعد الحرب العالمية وأطلقت الجمعية جريدة البصائر لسان حالها في سلسلتها الثانية  وعالجت مختلف القضايا بداخل الجزائر وخارجها كما ركزت جمعية العلماء على التعليم العربي الحر وأسست مجموعة كبيرة من المدارس التعليمية عبر مختلف ربوع الوطن وقد توجت الجمعية نشاطها الثقافي والديني بتأسيس معهد الإمام ابن باديس بقسنطينة، والذي يعتبر إنجازا علميا كبيرا استعاد للجزائر نهضتها الثقافية باستقباله الطلاب الجزائريين الذين كانوا من قبل يهاجرون إلى القرويين والزيتونة والأزهر من أجل العلم والمعرفة.

7- الحزب الشيوعي الجزائري:

تأسس الحزب الشيوعي الجزائري شهر أكتوبر 1936 بعد انفصاله عن الحزب الشيوعي الفرنسي، من بين مناضليه: عمر أوزقان وبن علي بوقرط ، وقد شارك هذا الحزب في المؤتمر الإسلامي لمناقشة مشروع بلوم فيوليت الاصلاحي ، وقد ساند الشيوعيون بقوة فرنسا حليفة الاتحاد السوفياتي ضد النازية خاصة بعد اطلاق سراح غالب القادة من السجون عام 1942 بعد وقوع مجازر ماي 1945 وجهوا الاتهامات لحزب الشعب وحركة أحباب البيان على أنهما سبب وقوع تلك المجازر بعد الحرب كن الحزب الشيوعي قد واصل مطالبة التي تقضي بالاندماج، لكن بعد انتخابات 1945 و1946 غيروا مواقفهم واصبحوا يقولون بضرورة تأسيس جمهورية جزائرية بعدما كانوا يعبرون ان الجزائر لا ترقى لأمة وأنها في طور التكوين بعد بالرغم من الاختلاف الاديولوجي مع باقي أطياف الحركة الوطنية الجزائرية إلا أن الحزب الشيوعي وقف عدة وقفات ضد اعتقال المناضلين السياسيين والتضييق على الحريات.مع مرور الزمن تخلى عمر أوزقان عن منصبه كأمين عام للحزب الشيوعي الجزائري، وتفرغ لتنشيط نقابته، الكنفيديرالية العامة للعمال.


محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية : المحاضرة الثالثة 03

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية :
 المحاضرة الثالثة 03

الجزائر والحرب العالمية الثانية، تاريخ الجزائر المعاصر، تاريخ، المؤرخ،تاريخمصالي الحاج، ابن باديس، البشير الابراهيمي


الجزائر والحرب العالمية الثانية(1939-1945)


1- اندلاع الحرب العالمية الثانية:

  • بدأت في 1سبتمبر1939 في أوروبا وانتهت في الثاني من سبتمبر عام 1945، و شاركت في الحرب معظم دول العالم  وانقسمت إلى حلفين عسكريين متنازعين هما: قوات الحلفاء(فرنسا-ابريطانيا-الولايات المتحدة الأمريكية)، ودول المحور(ألمانيا النازية-إيطاليا الفاشية-اليابان).وقد أوقعت هذه الحرب ما بين 50 و85 مليون قتيل حسب التقديرات؛ لذلك الحرب العالمية الثانية أكثر الحروب دموية وبشاعة في تاريخ البشرية وقد انتهت الحرب في أوروبا بغزو الحلفاء لألمانيا،  والاستسلام غير المشروط من قبل ألمانيا في 8 ماي عام 1945.

- تأثيرات الحرب العالمية على الجزائر:

  • عقب اندلاع  الحرب راحت فرنسا تستنجد بمستعمراتها لاستغلالها بطرق بشعة في شتى المجالات(طبيعيا،بشريا،اقتصاديا،لوجيستيكيا....)، وكان هذا الاستغلال على حساب المستعمرات الشمال إفريقية قد أنهك خيرات وثروات الأقطار المغاربية الثلاث "الجزائر وتونس والمغرب الأقصى، كما أثر هذا  بشكل كبير على سيرورة النشاط السياسي والإقتصادي والإجتماعي.....في هذه الأقطار طبقا لنظام الحكم أكان استعماريا محظا أو حماية.

المرحلة الأولى(1939-1941):

تميزت فترة الإنطلاقة الأولى للحرب بتدهور الساحة السياسية الجزائرية، فالتزمت جمعية العلماء المسلمين الصمت والحياد، وأيدت جماعة النواب "ابن جلول، وفرحات عباس" في البداية الوقوف الى جانب فرنسا ظانين أنها ستنظر الى مطالبهم كما أيد الحزب الشيوعي الوقوف الى جانب فرنسا في البداية، لكنه حلّ بعد الإجتياح الألماني لفرنسا وزج بأعضائه في السجون بسبب ارتباطهم بالحزب الشيوعي الفرنسي الذي أبدى تأييده للنازية، أما عن حزب الشعب الجزائري فقد حلّ مع بداية الحرب يوم 26 سبتمبر 1939، لأنه عارض التجنيد الإجباري، واعتقل مصالي الحاج، ومنذ هذا التاريخ بدأ أعضاءه يعملون في السرية.
مع بروز حكومة فيشي عقب انهيار فرنسا أمام النازية "جوان1940" حاولت وأتباعها في الجزائر جذب مصالي الحاج عدة مرات لعل أبرزها"نوفمبر1940"و"مارس1941" ولكنها لم تنجح فاتبعت سياسة القوة بعد ذلك، ونتج عن الممارسات الفرنسية تحول  نشاط الحزب إلى السري بعد ذلك حدوث تمرد في الحراش يوم 26 يناير 1941،وحاول الحزب وضع ادارة جديدة لأن القادة الأوائل أصبحوا معروفين، واعتقل ونفي البشير الإبراهيمي من جهة أخرى لمدة ثلاث سنوات الى الجنوب الغربي الجزائري.

المرحلة الثانية(1942-1943):

بعد انزال الحلفاء حاولت الحركة الوطنية الجزائرية ان تدخل معتركا سياسيا جديدا لكسب تأييد الحلفاء بعد الإنزال أو مايعرف بعملية طورش 08 نوفمبر 1942 وخاصة أمريكا وابريطانيا ،قدمت الحركة الوطنية بزعامة ناشطين من مختلف الأطياف مذكرة 20 ديسمبر1942 تطالب فيها بمجموعة من الإصلاحات وعليه انعـقـد اجـتـمـاع بتاريخ 03 فيفري1943 ضـم أنـصـار حـزب الـشـعـب، الـعـلـمـاء والـنـواب وأعـدوا بـيـان حـرره فـرحـات عـبـاس يـوم 10 فيفري 1943 وملحق البيان في 26 ماي 1943 اتبعوه بملحق البيان وتم تسليمه لـلـوالـي الـعـام الـفـرنـسـي بـالـجـزائـر "الـمـارشـال بـيـرتـون" كما قدمت نسخ منه لـمـمـثـلـي حكـومـة فـرنـسـا الـحـرة ومـمـثـلـي الحلفاء ومما جاء فيه:
* إدانـة الاسـتـعـمـار بمـخـتـلـف أشـكـالـه والـعـمـل عـلـى تـصـفـيـتـه. * تـطـبـيـق مـبـدأ تـقـريـر الـمـصـيـر عـلـى جـمـيـع الـشـعـوب. * مـنـح الـجـزائـريـيـن دسـتـورا خـاصـا بـهـا يـضـمـن حـريـة جـمـيـع الـسـكـان والـمـسـاواة بـيـنـهـم. * الإفـراج عـن الـمـعـتـقـلـيـن الـسـيـاسـيـيـن مـن جـمـيـع الأحـزاب. * إلـغـاء الـمـلـكـيـات الإقـطـاعـيـة والـقـيـام بـإصـلاحـات زراعـيـة....الخ
كـان رد فـعـل الـوالـي الـفـرنـسـي أنـه سـيـأخـذ بـعـيـن الاعـتـبـار كـأسـاس لـدسـتـور الـجـزائـر، أمـا الـحـلـفـاء فـردوا أنـهـم جـاءوا لـمـحـاربـة الـمـحـور والـقـضـيـة لا تـعـنـيـهـم.

المرحلة الثالثة(1944-1945):

انعقد مِؤتمر برازافيل بالكونغو تحت رعاية الجنرال ديغول في جانفي 1944 ، واعترف هذا المؤتمر بحق الشعوب في تسيير شؤونها بنفسها ضمن اتحاد فرنسي يعرض الإمبراطورية...وجاءت بعده أمرية 7مارس1944 من طرف ديغول وتمنح الأمرية الـمـواطـنـة الـفـرنـسـيـة لـلـنـخـبـة الـجـزائـريـة دون الـتـخـلـي عـن أحـوالـهـم الـشـخـصـيـة - مـنـح إسـتـفـادات مـالـيـة لـلـمـحـاربـيـن الـجـزائـريـيـن وتـأجـيـل الـنـظـر فـي مـسـتـقـبـل الـجـزائـر إلـى مـا بـعـد نـهـايـة الـحـرب .
رُفضت أمرية مارس من قبل زعماء الحركة الوطنية فندد بها البشير الإبراهيمي مصالي الحاج وفرحات عباس لأنها كانت مجرد ذر للرماد في العيون أما الشيوعيون فقد رحبوا بها. ولدت بعد هذا حركة أحباب البيان والحرية وراح يدخل في صفها العديد من المناضلين، وأمام الأحداث الجديدة أنـشـأ فـرحـات عـبـاس "حركة أحـبـاب الـبـيـان والـحـريـة فـي 14 مـارس 1944 " تـضـم جـمـيـع الـعـنـاصـر الـتـي سـاهـمـت فـي إعـداد الـبـيـان وطالب بمطالب إصلاحية عديدة- بعد نهاية الحرب العالمية الثانية خرج الجزائريون إلى الشوارع مطالبين في النظر في قضيتهم فحدثت مجارز كبرى في حقهم ماي 1945.

نهاية الحرب ومجازر ماي 1945:

بما أن الجزائريين شاركوا في الحرب العالمية الثانية خرجوا إلى الشوارع طالبين بحقوقهم بالنظر في قضيتهم والمطالبة بالاستقلال، وكانت القوات الفرنسية  قد حضرت كل شيئ سابقا لأنها كانت تعلم جيدا رد فعل الجزائريين. فقد قابلت فرنسا تلك المظاهرات بمجازر دامية لم تشهد لها الجزائر مثيلا من قبل فقد.
أرادت القوى السياسية اثبات شعبيتها وقوتها في الميدان فحضرت جيدا لتلك المظاهرات ليقول الجزائريون كلمتهم فخرج المتظاهرون في كل المدن الجزائرية تقريبا: سطيف، عين البيضاء، تبسه، قالمة، خراطة، سكيكدة، تلمسان، سعيدة، سيدي بلعباس....الخ. قامت الإدارة الإستعمارية باتخاذ إجراءات قمعية ضد منظمي المظاهرات من حزب الشعب أمثال حسين عسلة، هني محمد، حفيظ عبد الرحمان، أحمد مزغنة، سامي محمد وقد انطلقت المظاهرات في كل القطر الجزائري منذ 1 ماي 1945، ونادى الجزائريون بإطلاق سراح مصالي الحاج، واستقلال الجزائر واستنكروا الاضطهاد ورفعوا العلم الوطني الذي أُنتج خصيصا لهذه المناسبة.
أدعى الفرنسيون انهم أكتشفوا مشروعا ثوريا خاصة لما سقط قتلى في صفوف بعض المعمرين، وبدأت الإعتقالات وأعمال العنف والقتل ضد الجزائريين العزّل، وسقط أول شهيد جزائري في المظاهرات وهو الشاب بوزيد سعال(22سنة)، وتوالت بعدها عمليات التقتيل والمجازر وقصفت القرى والمداشر انتقاما من الجزائريين وتقول بعض الاحصائيات عن سقوط 45000 شهيد، و مصادر قالت أن عدد الضحايا فاق 60000 فقد كتبت الصحافة الامريكية وقتها قائلة أن ضحايا المذابح الدموية فاق 70000 شهيد جزائري فارتكبت قوات اللفيف الأجنبي والجنود السينغاليون فظائع فأحرقت المزارع واغتصبت النسوة ودمرت الطائرات 44 مشتى كما اقتيد الآلاف من الجزائريين إلى السجون والمحتشدات حيث عانوا من التعذيب والأمراض الفتاكة.

o تطورات ما بعد مجازر ماي 1945:

تعتبر مجازر ماي 1945 نقطة التحول الجذري في فكر الجزائريين، فبعدها اتضح أن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة وهنا بدأ التفكير في العمل الثوري المسلح لافتكاك الحرية فتم القاء القبض على عديد المناضلين على غرار فرحات عباس بتهم التحريض على التجمهر والتظاهر وادخلوا السجون وفي مارس 1946 أصدر قانون العفو الشامل عن المساجين واطلاق سراح المعتقلين فتم الافراح عن فرحات عباس ومصالي الحاج مارس 1946، وهنا بدا التفكير في انشاء أحزاب سياسية جديدة، وتسمية هذه المرحلة مرحلة بناء الحركة الوطنية.


تابع...المحاضرة الرابعة
في نفس المدونة
لاتنسوا الاشتراك في المدونة

الثلاثاء، 1 فبراير 2022

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية: المحاضرة الثانية

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية:

 المحاضرة الثانية



حزب الشعب الجزائري (1937-1945)
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين 1931


o تأسيس حزب الشعب الجزائري 1937:

  • لم يفقد أعضاء النجم المنحل منذ سنة 1929 أملهم في مواصلة طريق النضال فقام كل من مصالي الحاج، وعيماش عمار، وبلقاسم راجف، ورابح موساوي، ونحال محمد أرزقي بتأسيس حزب الشعب الجزائري يوم11مارس1937، ولكن هذه المرة بات من الخطر التصريح بأيديولوجية الحزب نظرا لتغير كثير من المعطيات، وأخذ الحزب يركز في مطالبه على الإصلاحات الفورية مراعيا عاملين اثنين هما: الجو السياسي في الجزائر المغاير لفرنسا، ونشاط التشكيلات الوطنية الأخرى. 
  • ما يمكن ملاحظته هو أن المولود الجديد (=الجمعية سابقا) اتخذت طابع الحزب، وبدل شمال افريقيا أفرد مصطلح "الجزائري" ،وذلك لعدة أسباب لعل أبرزها: هو أن التونسيين أسسوا حزبا سياسيا بمفردهم (الحزب الدستوري الجديد 1934) والمراكشيون كذلك (كتلة العمل الوطني1934)، فلقد حمل الحزب في هذه الفترة شعار: "لا اندماج، ولا انفصال، ولكن تحرر"، لكي يبعد الشكوك التي كانت تحوم حول اتصاله بالفاشية والنازية، وهو ما اعتبره كثيرون تنازلا عن مبادئ النجم وبرامجه السابقة. 


o صحافة حزب الشعب الجزائري:

  • يقول المناضل محمد قنانش عن الحزب:" كانت استراتيجية حزب الشعب الجزائري تتركز على الإسلام والبلدان العربية، لأن الإسلام كان المحرك الكبير للدفاع عن الشخصية والكرامة، والارتباط مع التاريخ، وكان أول دافع ومكون للوحدة الجزائرية...وكان هناك شعور عربي واسلامي عند الشعب وتوجد في مقالات الحزب هذه المبادئ...ووحدة المغرب العربي تعدت إلى المشرق العربي”، فكان الحزب يصدار البيانات، والمنشورات المعبرة عن مواقف الحزب من مختلف الأحداث والقضايا الداخلية والخارجية،في جرائد مثل” الأمة” و” البرلمان الجزائري”، كما أسس الحزب  عدة جرائد أخرى منها جريدة "الشعب" التي تعتبر أول جريدة تصدر كاملة باللغة العربية، والتي أعلنت بمجرد صدورها على أنها "لسان الحركة الوطنية بالجزائر المسلمة العربية”و عندما عطلت الشعب أنشأت جريدة بعنوان "صرخة الشعب"، وسرعان ما عُطّلت هي الأخرى.
  • جريدة صرخة الشعب 1938: بعد توقيف جريدة الشعب أصدر الحزب جريدة عربية أخرى باسم «صرخة الشعب» واوكلت رئاسة تحريرها إلى محمد قنانش من تلمسان، ولكن اعتقال هذا الأخير في شهر فيفري 1938 أفشل المحاولة.
  • جريدة البرلمان الجزائري  le parlement algérien:صدرت هذه الجريدة ذات الحجم الصغير بتاريخ 18ماي1939 في العاصمة الجزائرية وباللغة الفرنسية، شعارها: « للدفاع ولتحرير الشعب الجزائري»، وجاء الى يمين الجريدة في الأعلى وبمحاذاة الاسم جملة «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» ، وتحتها وبين رأس هلال: « البرلمان الجزائري، جريدة وطنية نصف شهرية تدافع عن حقوق الجزائر العربية».
  • وقد كتبت جريجة الأمة بلهجة حارة في 15ديسمبر1938 قائلة: 
  • "إن حزب الشعب الجزائري سيدافع عن المغرب العربي، ولا يمكننا أن نفرط في حفنة واحدة من تراب مغربنا الطيب، وإننا على استعداد للموت  إلى آخرنا» 
  • كما دافع حزب الشعب الجزائري عن الدين الإسلامي واللغة العربية والتعليم في الجزائر  فبتاريخ23أوت1939 انعقد مؤتمره العام ومن مجمل ما جاء فيه حول هذا الجانب:"توصية من أجل توسيع التعليم العام، والمطالبة بالشروع الفوري في إنجاز برنامج واسع لبناء المؤسسات التعليمية...وانشاء مدرسة ابتدائية في كل دوار ومدينة...وتأسيس مدرسة ابتدائية عالية وثانوية في كل مجموعة عشر مدارس...وإضافة كلية للآداب العربية في جامعة الجزائر...تحويل المدارس الفرنسية الإسلامية إلى جامعات إسلامية، يقوم بتدريس العربية وآدابها فيها أستاذة مسلمون...واصدار مرسوم يجعل تعليم اللّغة العربية اجباريا في جميع المستويات، على غرار تونس والمغرب والبلاد الخاضعة للانتداب في المشرق...وحثّ المسلمين على الاقبال على التعليم الحر وتشجيعه ماديا، لكونه يعوض بعض نقص التعليم الرسمي في كثير من المراكز" 
  • حل حزب الشعب الجزائري من طرف الإدارة الفرنسية بتاريخ 26 سبتمبر 1939 تزامنا مع اندلاع الجرب العالمية الثانية 1939.

التيار الإصلاحي:

النوادي والجمعيات: لبنة الصحوة العربية الإسلامية:
اهتم الجزائريون بإنشاء النوادي الثقافية والجمعيات، فكانت صروحا أولى انطلقت منها الحركة الإصلاحية والسياسية، فبعدما كان الجزائريون يجتمعون في المقاهي و المساجد و الأماكن الضيقة، أصبحت لهم شيئا فشيئا مقرّات لتهذيب الناشئة وتربيتها تربية جمعوية للنهوض بالمجتمع.
ولعل قائمة النوادي طويلة في هذه الفترة ولكننا نذكر أبرزها: كنادي الاتحاد، والنادي الإسلامي بقسنطينة، ونادي الترقي بالبليدة، ونادي النجاح بسيدي بلعباس، ونادي فيليب فيل، ونادي الشبان المسلمين بقالمة...والقائمة تطول، فهذه النوادي  كانت مفتوحة لجميع الناس حسب الدكتور علي مرّاد، ولكنها جٌعلت أساسا لنيل تعاطف الشبيبة بغرض التأثير عليها ثقافيا وأخلاقيا، بحيث أن نشاطاتها كانت من أجل التوعية بمحاسن دين الإسلام، وجمال اللغة العربية، فكان رجال الإصلاح بذلك يأملون في توعية الشباب بشخصيتهم الجزائرية المرتبطة بالثقافة العربية الإسلامية .
ولعل أبرز ناد ثقافي وفكري وحتى سياسي ظهر في نهاية العشرينات هو نادي الترقي الذي افتتح رسميا بتاريخ 3جويلية1927، مساهما في اليقظة القومية العربية الإسلامية الجزائرية من خلال ما كان يعقد فيه من اجتماعات، وندوات، ومحاضرات، وكذلك احتضانه لعديد النشاطات الرياضية والفنية، فبه أُسّست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 05 ماي 1931، وبه تم تأطير وتوفير المناخ للحركة الطلابية التي عقدت مؤتمرها الثاني به عام1932، وبه أيضا تم تأسيس الكشافة الإسلامية الجزائرية ، لذلك اعتبر أعظم منبر ثقافي وسياسي صريح للشعب الجزائري، ويقول الراحل أحمد توفيق المدني في شأنه: " ... لقد كان نادي الترقي صفحة بيضاء في تاريخ الجزائر، لا الجزائر العاصمة وحدها بل الجزائر الوطن المترامي الحدود، وأني لأعجب العجب كلّه لهؤلاء المؤرخين الجدد الذين يضربون بسهم في إنشاء تاريخ الجزائر الحديث، ويغفلون أو يتغافلون عن ذكر نادي الترقي، وعن ذكر آثاره، وعن ذكر ما ولّده من حركات بناءة صميمة كانت للجزائر بعثا، وكانت للقومية الجزائرية نشورا ".


تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:


  • يقول المرحوم أبو القاسم سعد الله معرفا بالجمعية:" تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم 5ماي 1931، وضمت اثنين وسبعون(72) عالما جزائريا جاؤوا من مختلف أنحاء القطر ومن مختلف الاتجاهات الدينية، ولعل المرونة التي استعملتها الجمعية في جمع الكلمة وتوحيد الصفوف هي التي جعلت الإدارة الفرنسية تسارع إلى الاعتراف بالجمعية وتوافق على قانونها الأساسي بعد خمسة عشر يوما فقط من تقديمه. فابن باديس ورجالات الإصلاح قد شقوا طريقهم لإثبات عروبة واسلام الجزائر، فتجاوزوا بمرور الزمن الواقع الجزائري ليتخذ طابع الإيديولوجية السياسية، والتي فسرت من طرف الإدارة على إنها عقيدة مستوحاة من الخارج(=المشرق) ، واتخذوا من شعار" الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا" تلخيصا ممتازا للأماني الدائمة للشعب الجزائري الذي يشعر بأنه عربي مسلم فقد جاء في مقال في جريدة الشهاب في صدد ذكر أهدافها أيام تأسيسها ما يلي:" هذه الجمعية تسعى لنشر الرقي والأخوة على أساس الإسلام والقومية في دائرة الدولة والقوانين الفرنسية" ".
  • سعت جمعية العلماء  للدفاع عن الشخصية العربية الإسلامية للجزائر بمختلف النشاطات التي كانت تقيمها، فقد ركزت على التعليم العربي الحر ،وقامت ببناء مئات المدارس عبر مختلف التراب الجزائري، كما قامت بإصدار عدة جرائد على غرار البصائر الاولى والثانية لسان حالها، وقد نشطت طيلة هذه الفترة الى غاية تشميع مقراتها عشية قيام الحرب العالمية الثانية، إضافة الى وفاة الشيخ عبد الحميد ابن باديس 16 افريل 1940 ونفي الشيخ الابراهيمي الى آفلو الاغواط.
يتبع في المحاضرة الثالثة
اشتركوا في المدونة لكي يصلكم كل جديد

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية: المحاضرة الاولى: التيارات الوطنية في الحركة الوطنية الجزائرية.

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية 1919-1954

محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية


 المحاضرة الأولى: التيارات الوطنية في الحركة الوطنية الجزائرية

  • إن ارهاصات الحركة الوطنية الجزائرية  نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 م تزامنت مع مشروع الجامعة الإسلامية الذي سبق وأن طرحه السلطان عبد الحميد الثاني، هذا المشروع الذي هدف الى توحيد المسلمين في جميع أرجاء العالم وبالخصوص الدول والأقطار التي كانت تحت  راية الخلافة العثمانية سابقا من أجل مواجهة الهجمة الأوروبية الامبريالية وحركات الاحتلال، لذلك تفاعلت النخب الجزائرية مع هذا المشروع على غرار باقي النخب العربية والإسلامية، ومن بين الشخصيات الجزائرية التي دعت إلى الوقوف مع المشروع نجد: عبد الحليم بن سماية، عمر بن قدور الجزائري، عمر راسم وغيرهم كثير.. ومن بين الأسباب التي جعلت هذا الفكر يتنشر في الجزائر وعامة المغرب العربي نذكر ما يلي:

o السياسات المعتمدة من طرف السّاسة والحكام الفرنسيين في ظل الحكم العسكري(1830-1870) وبعده المدني.
o رحلات الحج.
o الهجرة إلى البلدان الإسلامية.
o تأثير صحف وجرائد الجامعة الإسلامية.
o زيّارات الشخصيات الدينية والسيّاسية إلى الجزائر.
o الرّحلات العلمية للجزائريين إلى الجامعات والمعاهد الإسلامية.
o الدعاية العثمانية.

o التيارات السياسية في الحركة الوطنية الجزائرية

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وانفتاح الساحة السياسية الجزائرية على النضال برزت ثلاثة اتجاهات وطنية رئيسية عملت على مقاومة السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر إلى غاية اندلاع الثورة التحريرية المسلحة إضافة الى مجموعة من التوجهات والتيارات والنخب الوطنية الأخرى لكن تمثلت هذه الاتجاهات الكبرى في:
الإتجاه الاستقلالي
يمثل التيار اليساري ، الذي ظهر بالمهجر  على يد العمال الجزائريين والمغاربيين بعد الحرب العالمية الأولى ممثلا في جمعية نجم شمال افريقيا 1926 ،  نادى بكل صراحة بضرورة استقلال الجزائر في إطار الشمال الإفريقي المنتمي إلى الأمة العربية المسلمة، أصبح في مارس 1937 يسمى “ حزب الشعب الجزائري”، ثم ظهر مجددا بعد الحرب العالمية الثانية تحت تسمية “ الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية 1946، ومنه خرجت المنظمة الخاصة التي كلفت بالإعداد للثورة،  ثم جبهة التحرير الوطني 1954.
o الاتجاه اليميني: 
o تمثل في نشاط النواب الجزائريين القلة المنتخبين المثقفين ثقافة فرنسية، وطالب هذا الاتجاه بالمساواة بين الأغلبية الجزائرية المسلمة من جهة وبين الأوروبيين في بداية العشرينيات، ثم تطور إلى المطالبة بالتجنس والاندماج في الثلاثينيات ثم اعتدل بعد الحرب العالمية الثانية ممثلا في الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري حيث أصبح يطالب بإقامة جمهورية جزائرية مرتبطة بفرنسا على شكل اتحاد فدرالي.
o الاتجاه الإصلاحي:
o تميز بالاعتدال في مطالبه، ركز على استرجاع الشخصية العربية الإسلامية للجزائر ، ظهر مع رجلا الإصلاح الذين كانوا ينشطون في نادي الترقي ويكتبون في جريدة المنتقد والشهاب لعبد الحميد بن باديس، ثم تطور هذا الاتجاه  ليتهيكل في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست في 05 ماي 1931 التي تبنت شعار “ الإسلام دينننا – العربية لغتنا - الجزائر وطننا “.
o إضافة إلى هذه التيارات وجبت إلى الإشارة إلى جمعية طلبة شمال افريقيا 1927، والكشافة الإسلامية الجزائرية 1935، والحزب الشيوعي الجزائري 1935، وعديد الهيئات والجمعيات والشخصيات التي لعبت دورا كبيرا في تنشيط الحركة الوطنية الجزائرية تحت مسميات عدة وطرق مختلفة.

o التيار الاستقلالي ( 1924-1939):
o ارتسمت معالم العمل الوطني السياسي بهجرة الأمير خالد إلى فرنسا سنة 1923  فقد أنشأت هيئة إغاثة للمغاربة واصطبغت بصبغة دينية قومية، وكانت النواة الأولى للنشاط، والبرنامج الذي دافع عن المناضلون فيما بعد هو الاستقلال التام، فسعت للتضامن مع الشعوب العربية كلها، والعمل على تحرير الشعوب المستعبدة في كلّ مكان، ومن هذه الهيئة تم تأسيس نجم شمال افريقيا بنونتير سنة 1926، حيث كان النجم ينشط تحت كنف الحزب الشيوعي الفرنسي، فظهر في إطار ما يسمى باسم "اتحاد الشعوب المستعمرة" الذي يضم في صفوفه العمال المهاجرين من مختلف المستعمرات، ويهدف إلى تكثيف الكفاح المناهض للإمبريالية على ضوء توجيهات الأممية الشيوعية الثالثة، وكان نجم شمال افريقيا يمثل التيار المنادي باستقلال الجزائر والمغرب العربي، فقد نشأ في بيئة غير البيئة الجزائرية، ولم يكن المنتمون إليه من النخبة أو الأوساط التقليدية المعروفة بمستواها الثقافي المرموق، بل نشأ بين أوساط عمالية تعيش حياة صعبة وتعرف كل أشكال الحرمان جراء هجرتها من بلدانها الأصلية تحت عامل الظلم والقهر .
o نشاط الأمير خالد في بلاد المهجر: 

  • o تزعم التيار الاستقلالي الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر الجزائري فقد بدأ العمل مبكرا مطالبا بالإصلاحات فقد قدم “لهريو” رئيس وزراء فرنسا عام 1924 مجموعة من المطالب لعل أبرزها:
  • o إعطاء حق الانتخاب للجزائريين - الغاء سائر القوانين الجزرية والاستثنائية والمحاكم المختصة والرجوع إلى القوانين التابعة للحق العام - المساوا ة في الحقوق التامة مع الفرنسيين في المسائل العسكرية - الاعتراف بالحق للمسلمين الجزائريين في الوصول إلى كل درجات التوظيف العمومي - تنفيذ قانون التعليم الاجباري على سائر المسلمين وإعطاء الحرية للتعليم العربي الحر  - حرية الصحف والتعبير والمؤسسات - اعلان العفو العام عن المساجين والحرية التامة للمسلمين في السفر، وحماية العمال، وفصل  الدولة عن الكنيسة وعلى الشرع الإسلامي....الخ
  • o من نجم شمال افريقيا إلى حزب الشعب الجزائري (1926-1937):
  • o نشير إلى أن الفترة الفاصلة بين حل النجم 1929 وتأسيس حزب الشعب 1937 قد ظهرت تسميات كثيرة له، فالمناضلون كانوا دائما يحاولون إيجاد تغطية مناسبة لإخفاء نشاطهم، فبعد حل النجم نشطوا تحت اسم "جمعية نجم افريقيا الشمالية"، ثم "جمعية نجم افريقيا الشمالية المجيد" بعد ملاحقتهم من طرف الإدارة نشطوا تحت اسم" الاتحاد الوطني لمسلمي شمال افريقيا"، ثم "جمعية أحباب الأمة".

القانون الأساسي لنجم شمال افريقيا 1926:

هي جمعية لمسلمي المغرب والجزائر وتونس تأسست في باريس طبقا للقوانين المصادق عليها في الاجتماع العام المنعقد يوم الأحد 20 جوان 1926 بمركز الجمعية.
وتهدف إلى تدريب مسلمي الشمال الافريقي على الحياة في فرنسا والتنديد بجميع المظالم أمام الرأي العام.
ومع عدم انتمائها إلى أي حزب سياسي فهي تلتزم بتأييد كل حزب وكل شخصية سياسية تساعد على تحقيق برنامج مطالبها وقد قررت منذ تأسيسها توحيد العمل مع كامل منظمات الطبقة الشغيلة والفلاحية والشعوب المضطهدة.
طالبت جمعية نجم شمال افريقيا بمجموعة من المطالب في قانونها من أبرزها:
الغاء قانون الانديجينا مع جميع توابعه.
حق الانتخاب والترشح في جميع المجالس.
الغاء تام وعام لجميع القوانين الاستثنائية والمحاكم الزجرية والمراقبة الإدارية.
نفس التكاليف ونفس الحقوق كالفرنسيين فيما يخص التجنيد وتوصل المسلمين لنفس الرتب العسكرية والمدنية.
التطبيق العام لقانون التعليم الاجباري مع حرية التعليم لجميع الأهالي.
حرية الصحافة والجمعيات، حرية التنقل، فصل الدين عن الحكومة الفرنسية، تطبيق قوانين العفو....الخ.

جرائد نجم شمال افريقيا: 

جريدة الإقدام الباريزي Likam de paris:من الواضح ان تسمية «الاقدام» على جريدة النجم هو محاولة لإحياء جريدة الاقدام الوطنية التي كان يصدرها الأمير خالد الهاشمي، والتي توقفت بعد ابعاد الأمير الى فرنسا عام 1923،صدرت من صحيفة « الاقدام الباريزي» ثلاثة أعداد: أكتوبر 1926/ نوفمبر وديسمبر 1926/فيفري1927،وكانت الجريدة أيضا تصدر باللغة العربية والفرنسية بمعدل صفحتين بكل لغة، وكانت لهجتها شديدة وتدعو المسلمين الشمال افريقيين الى الثورة ضد فرنسا ، لكن منعت بقرار وزاري بتاريخ1فيفري1927، لتظهر باسم جديد هو « الاقدام الشمال الافريقي».
إقدام الشمال الافريقي:صدر منها ثلاثة اعداد خلال الأشهر التالية: العدد الأول ماي 1927/ العدد الثاني في جوان وجويلية 1927/ العدد الثالث أوت وسبتمبر 1927، ولم تكن لهجة « اقدام الشمال الافريقي» لتقل على حدة الاقدام الباريزي، فقد خصص عددها الصادر في ماي 1927 لفضح مساوئ الاستعمار الفرنسي، ونشرت في نفس العدد المطالب التي تقدم بها الشاذلي خير الله باسم تونس الى مؤتمر بروكسل المنعقد من 10-15فيفري1927 المناهض للاستعمار..وتضمن عدد جوان-جويلية 1927 بيانا باسم النجم موجها الى أبناء شمال افريقيا، والى المجندين منهم في الخدمة العسكرية بصورة خاصة، يدعوهم فيه للوقوف ضد الحرب التي تخوضها فرنسا واسبانيا ضد الشعب المغربي بقيادة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، وهذا ما أدى إلى منع صدور الجريدة من طرف الإدارة أيضا، ولكن قيادة النجم اعادت إصدارها من جديد.
جريدة الأمّــــة: أصدر النجم بعد ذلك جريدة الأمّة في أكتوبر 1930، والتي استمرت في الصدور بأشكال مختلفة إلى غاية 1939،واستعملت هذه الجريدة شعار الآية : "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» مكتوبة داخل هلال، وتعلو الهلال نجمة مشعة، وفي اسفل الهلال مكتوبة جملة باللغة العربية: «جريدة وطنية وسياسية للدفاع عن حقوق مسلمي إفريقية الشمالية»، وماعدا ذلك فإن الجريدة كانت تصدر كلها باللغة الفرنسية،فقد دعا النجم  سنة 1933 كلّ أهالي افريقية الشمالية أن يقرأوا جريدته الأمة لأنها: « تدافع عنكم، وتعلمكم، وتثقفكم، إنها ستكشف جميع الخونة وكل المتعاونين وكلّ أعداء وطننا وقضيتنا، إنها ستقودكم إلى الاتجاه الصحيح دون خوف أو هزيمة إنها ستصلكم بمعلوماتها بكلّ العالم الإسلامي...».

دخول النجم الى الجزائر عام 1936: 

بعد تجربة مرحلية للتيار الاستقلالي(نجم شمال افريقيا) دامت لعشر سنوات في بلاد المهجر دخلت قيادة الحزب الى الجزائر عام 1936 بمناسبة انعقاد المؤتمر الإسلامي حيث صرح رئيس الحزب مصالي الحاج  بتاريخ 2أوت 1936 بالملعب البلدي للجزائر قائلا: هذه الأرض لا تباع ولا تشترى.

يتبع ...في نفس المدونة
لاتنسوا الاشتراك في المدونة لتجدوا كل الدروس

رابط الترشح لمسابقة الدكتوراه 2024-2025

رابط الترشح لمسابقة الدكتوراه 2024-2025  أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اليوم المنصة الخاصة بالتسجيل لمسابقات الدكتوراه للسنة الجا...