محاضرات تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية:
المحاضرة الثانية
حزب الشعب الجزائري (1937-1945)
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين 1931
o تأسيس حزب الشعب الجزائري 1937:
- لم يفقد أعضاء النجم المنحل منذ سنة 1929 أملهم في مواصلة طريق النضال فقام كل من مصالي الحاج، وعيماش عمار، وبلقاسم راجف، ورابح موساوي، ونحال محمد أرزقي بتأسيس حزب الشعب الجزائري يوم11مارس1937، ولكن هذه المرة بات من الخطر التصريح بأيديولوجية الحزب نظرا لتغير كثير من المعطيات، وأخذ الحزب يركز في مطالبه على الإصلاحات الفورية مراعيا عاملين اثنين هما: الجو السياسي في الجزائر المغاير لفرنسا، ونشاط التشكيلات الوطنية الأخرى.
- ما يمكن ملاحظته هو أن المولود الجديد (=الجمعية سابقا) اتخذت طابع الحزب، وبدل شمال افريقيا أفرد مصطلح "الجزائري" ،وذلك لعدة أسباب لعل أبرزها: هو أن التونسيين أسسوا حزبا سياسيا بمفردهم (الحزب الدستوري الجديد 1934) والمراكشيون كذلك (كتلة العمل الوطني1934)، فلقد حمل الحزب في هذه الفترة شعار: "لا اندماج، ولا انفصال، ولكن تحرر"، لكي يبعد الشكوك التي كانت تحوم حول اتصاله بالفاشية والنازية، وهو ما اعتبره كثيرون تنازلا عن مبادئ النجم وبرامجه السابقة.
o صحافة حزب الشعب الجزائري:
- يقول المناضل محمد قنانش عن الحزب:" كانت استراتيجية حزب الشعب الجزائري تتركز على الإسلام والبلدان العربية، لأن الإسلام كان المحرك الكبير للدفاع عن الشخصية والكرامة، والارتباط مع التاريخ، وكان أول دافع ومكون للوحدة الجزائرية...وكان هناك شعور عربي واسلامي عند الشعب وتوجد في مقالات الحزب هذه المبادئ...ووحدة المغرب العربي تعدت إلى المشرق العربي”، فكان الحزب يصدار البيانات، والمنشورات المعبرة عن مواقف الحزب من مختلف الأحداث والقضايا الداخلية والخارجية،في جرائد مثل” الأمة” و” البرلمان الجزائري”، كما أسس الحزب عدة جرائد أخرى منها جريدة "الشعب" التي تعتبر أول جريدة تصدر كاملة باللغة العربية، والتي أعلنت بمجرد صدورها على أنها "لسان الحركة الوطنية بالجزائر المسلمة العربية”و عندما عطلت الشعب أنشأت جريدة بعنوان "صرخة الشعب"، وسرعان ما عُطّلت هي الأخرى.
- جريدة صرخة الشعب 1938: بعد توقيف جريدة الشعب أصدر الحزب جريدة عربية أخرى باسم «صرخة الشعب» واوكلت رئاسة تحريرها إلى محمد قنانش من تلمسان، ولكن اعتقال هذا الأخير في شهر فيفري 1938 أفشل المحاولة.
- جريدة البرلمان الجزائري le parlement algérien:صدرت هذه الجريدة ذات الحجم الصغير بتاريخ 18ماي1939 في العاصمة الجزائرية وباللغة الفرنسية، شعارها: « للدفاع ولتحرير الشعب الجزائري»، وجاء الى يمين الجريدة في الأعلى وبمحاذاة الاسم جملة «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» ، وتحتها وبين رأس هلال: « البرلمان الجزائري، جريدة وطنية نصف شهرية تدافع عن حقوق الجزائر العربية».
- وقد كتبت جريجة الأمة بلهجة حارة في 15ديسمبر1938 قائلة:
- "إن حزب الشعب الجزائري سيدافع عن المغرب العربي، ولا يمكننا أن نفرط في حفنة واحدة من تراب مغربنا الطيب، وإننا على استعداد للموت إلى آخرنا»
- كما دافع حزب الشعب الجزائري عن الدين الإسلامي واللغة العربية والتعليم في الجزائر فبتاريخ23أوت1939 انعقد مؤتمره العام ومن مجمل ما جاء فيه حول هذا الجانب:"توصية من أجل توسيع التعليم العام، والمطالبة بالشروع الفوري في إنجاز برنامج واسع لبناء المؤسسات التعليمية...وانشاء مدرسة ابتدائية في كل دوار ومدينة...وتأسيس مدرسة ابتدائية عالية وثانوية في كل مجموعة عشر مدارس...وإضافة كلية للآداب العربية في جامعة الجزائر...تحويل المدارس الفرنسية الإسلامية إلى جامعات إسلامية، يقوم بتدريس العربية وآدابها فيها أستاذة مسلمون...واصدار مرسوم يجعل تعليم اللّغة العربية اجباريا في جميع المستويات، على غرار تونس والمغرب والبلاد الخاضعة للانتداب في المشرق...وحثّ المسلمين على الاقبال على التعليم الحر وتشجيعه ماديا، لكونه يعوض بعض نقص التعليم الرسمي في كثير من المراكز"
- حل حزب الشعب الجزائري من طرف الإدارة الفرنسية بتاريخ 26 سبتمبر 1939 تزامنا مع اندلاع الجرب العالمية الثانية 1939.
التيار الإصلاحي:
النوادي والجمعيات: لبنة الصحوة العربية الإسلامية:
ولعل قائمة النوادي طويلة في هذه الفترة ولكننا نذكر أبرزها: كنادي الاتحاد، والنادي الإسلامي بقسنطينة، ونادي الترقي بالبليدة، ونادي النجاح بسيدي بلعباس، ونادي فيليب فيل، ونادي الشبان المسلمين بقالمة...والقائمة تطول، فهذه النوادي كانت مفتوحة لجميع الناس حسب الدكتور علي مرّاد، ولكنها جٌعلت أساسا لنيل تعاطف الشبيبة بغرض التأثير عليها ثقافيا وأخلاقيا، بحيث أن نشاطاتها كانت من أجل التوعية بمحاسن دين الإسلام، وجمال اللغة العربية، فكان رجال الإصلاح بذلك يأملون في توعية الشباب بشخصيتهم الجزائرية المرتبطة بالثقافة العربية الإسلامية .
ولعل أبرز ناد ثقافي وفكري وحتى سياسي ظهر في نهاية العشرينات هو نادي الترقي الذي افتتح رسميا بتاريخ 3جويلية1927، مساهما في اليقظة القومية العربية الإسلامية الجزائرية من خلال ما كان يعقد فيه من اجتماعات، وندوات، ومحاضرات، وكذلك احتضانه لعديد النشاطات الرياضية والفنية، فبه أُسّست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 05 ماي 1931، وبه تم تأطير وتوفير المناخ للحركة الطلابية التي عقدت مؤتمرها الثاني به عام1932، وبه أيضا تم تأسيس الكشافة الإسلامية الجزائرية ، لذلك اعتبر أعظم منبر ثقافي وسياسي صريح للشعب الجزائري، ويقول الراحل أحمد توفيق المدني في شأنه: " ... لقد كان نادي الترقي صفحة بيضاء في تاريخ الجزائر، لا الجزائر العاصمة وحدها بل الجزائر الوطن المترامي الحدود، وأني لأعجب العجب كلّه لهؤلاء المؤرخين الجدد الذين يضربون بسهم في إنشاء تاريخ الجزائر الحديث، ويغفلون أو يتغافلون عن ذكر نادي الترقي، وعن ذكر آثاره، وعن ذكر ما ولّده من حركات بناءة صميمة كانت للجزائر بعثا، وكانت للقومية الجزائرية نشورا ".
تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
- يقول المرحوم أبو القاسم سعد الله معرفا بالجمعية:" تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم 5ماي 1931، وضمت اثنين وسبعون(72) عالما جزائريا جاؤوا من مختلف أنحاء القطر ومن مختلف الاتجاهات الدينية، ولعل المرونة التي استعملتها الجمعية في جمع الكلمة وتوحيد الصفوف هي التي جعلت الإدارة الفرنسية تسارع إلى الاعتراف بالجمعية وتوافق على قانونها الأساسي بعد خمسة عشر يوما فقط من تقديمه. فابن باديس ورجالات الإصلاح قد شقوا طريقهم لإثبات عروبة واسلام الجزائر، فتجاوزوا بمرور الزمن الواقع الجزائري ليتخذ طابع الإيديولوجية السياسية، والتي فسرت من طرف الإدارة على إنها عقيدة مستوحاة من الخارج(=المشرق) ، واتخذوا من شعار" الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا" تلخيصا ممتازا للأماني الدائمة للشعب الجزائري الذي يشعر بأنه عربي مسلم فقد جاء في مقال في جريدة الشهاب في صدد ذكر أهدافها أيام تأسيسها ما يلي:" هذه الجمعية تسعى لنشر الرقي والأخوة على أساس الإسلام والقومية في دائرة الدولة والقوانين الفرنسية" ".
- سعت جمعية العلماء للدفاع عن الشخصية العربية الإسلامية للجزائر بمختلف النشاطات التي كانت تقيمها، فقد ركزت على التعليم العربي الحر ،وقامت ببناء مئات المدارس عبر مختلف التراب الجزائري، كما قامت بإصدار عدة جرائد على غرار البصائر الاولى والثانية لسان حالها، وقد نشطت طيلة هذه الفترة الى غاية تشميع مقراتها عشية قيام الحرب العالمية الثانية، إضافة الى وفاة الشيخ عبد الحميد ابن باديس 16 افريل 1940 ونفي الشيخ الابراهيمي الى آفلو الاغواط.
يتبع في المحاضرة الثالثة
اشتركوا في المدونة لكي يصلكم كل جديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق